الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الظاهر بيبرس

الظاهر بيبرس

هو سلطان مصر والشام ورابع سلاطين الدولة المملوكية ومؤسسها الحقيقى، أحد أعظم السلاطين فى العصر الإسلامى الوسيط، وبعد وصوله للحكم لقب نفسه بالملك الظاهر. ولد بيبرس نحو عام 620 هـ / 1221م، كان بيبرس ضخماً طويلاً ذا شخصية قوية، وكان صوته جهوريا. حقق خلال حياته العديد من الانتصارات ضد الصليبيين و المغول ابتداءً من معركة المنصورة سنة 1250 ومعركة عين جالوت انتهاءً بمعركة الأبلستين ضد المغول سنة 1277. وقد قضى فى أثناء حكمه على الحشاشين واستولى أيضا على إمارة أنطاكية الصليبية. بزغ نجم بيبرس عندما قاد جيش المماليك فى معركة المنصورة ضد الصليبيين فى رمضان من عام 647 هـ / 1249 م. بعد أن وضع خطة معركة أو «مصيدة المنصورة» وبموافقة شجرة الدر التى كانت الحاكمة الفعلية لمصر فى تلك الفترة بعد موت زوجها سلطان مصر الصالح أيوب. وقاد المعركة ضد الفرنج، وتسبب بنكبتهم الكبرى فى المنصورة. التى تم فيها أسر الملك الفرنسى لويس التاسع وحبسه فى دار ابن لقمان. وفى عام 1260ميلادية اشترك بيبرس والأمير قطز سلطان مصر فى قيادة الجيش المصرى ومحاربة المغول الذين كانوا فى طريقهم إلى مصر بعد اجتياحهم المشرق الإسلامى ثم العراق وإسقاطهم الدولة العباسية فى بغداد ثم توجهوا إلى حلب واستولوا عليها ودمروها، مما أثار موجة من الرعب فى قلوب المسلمين وحكامهم، فعقد قطز وبيبرس العزم على محاربة المغول فى معركة عين جالوت وهزم الجيش المغولى وقتل معظمهم بمن فيهم قائدهم كتبغا. أصبح بيبرس حاكما لمصر بعد رجوعه من معركة عين جالوت من سنة 1260، ومقتل السلطان قطز، حيث خطب له بالمساجد يوم الجمعة 6 من ذى الحجة 658 هـ / 11 نوفمبر 1260م. أراد بيبرس أن يضفى على حكمه نوعا من الزعامة والنفوذ على البلاد الإسلامية، ولكى يمنح دولته الفتية نوعا من الشرعية عمد إلى إحياء الخلافة العباسية فى القاهرة بعد ما قضى عليها المغول فى بغداد، وأنشأ نظُماً إداريةً جديدة فى الدولة. كما اشتهر بيبرس بذكائه العسكرى والدبلوماسى، وكان له دور كبير فى تغيير الخريطة السياسية والعسكرية فى منطقة البحر المتوسط واختار شعار دولته «الأسد» ونقش صورته على الدراهم. كما قام بترميم القلاع وطرق الإمداد لتأمين وصول قواته إلى بلاد الشام وجعلها تابعة له، كما عمل على تقوية الأسطول والجيش، كما شهد عهده نهضة معمارية وتعليمية كبيرة، حيث عمل على إنشاء العديد من المدارس فى مصر ودمشق، كما أنشأ عام 665 هجرية جامعا عرف باسمه إلى اليوم فى مدينة القاهرة وهو جامع الظاهر بيبرس والذى ما زال قائماً إلى اليوم، وتعرف المنطقة حوله باسم حى الظاهر وأنشأ مسجدا آخر فى مدينة قليوب، كما عمل بيبرس على إنشاء الجسور والقناطر والأسوار، وحفر الترع والخلجان، وأنشأ مقياسا للنيل وقام بأعمال أخرى كثيرة مثل تنظيم البريد فخصص له الخيل، وبنى كثيرا من العمائر. كما اهتم بيبرس بتجديد الجامع الأزهر فأعاد للأزهر رونقه وقام بحملات من الترميم والتجميل حتى عاد له جماله ومكانته مرة أخرى، وأعاد خطبة الجمعة والدراسة إلى الجامع الأزهر بعد أن هجر طويلا. وفى خارج مصر قام بعدد من الإصلاحات فى الحرم النبوى بالمدينة المنورة، وقام بتجديد مسجد إبراهيم فى الخليل، وزار بيت المقدس يوم الجمعة 17 جمادى الآخرة 661 هـ / 1262 م، فقام بتجديد ما قد تهدم من قبة الصخرة، وقام بتوسعة مسجد الصحابى خالد بن الوليد فى مدينة حمص.كما عمل على إقامة دار للعدل للفصل فى القضايا والنظر فى المظالم أيضا. ولتأمين مصر خارجيا أقام بيبرس معاهدات وعلاقات ودية مع الإمبراطور الرومانى، كما حالف ملك نابولى وصقلية وملك قشتالة وإمبراطور بيزنطة، وسلطان سلاجقة الروم، وقد كان يبعث بالرسائل والهدايا للآخرين ويحثهم على محاربة المغول لكف أذاهم عن دولته، كى يتفرغ للصليبيين. حيث واصل بيبرس حروبه ضد الصليبيين فى الشام وانتزع منهم أغلب المدن التابعة لهم واسترد منهم إمارة انطاكية. كما استمر بيبرس فى محاربة المغول, فمنذ موقعة عين جالوت، والمغول يتحينون الفرصة للحرب، لكن الظاهر بيبرس وقف لهم بالمرصاد واستطاع أن يكسر شوكتهم، وعندما تحالف المغول مع سلاجقة الروم فى آسيا الصغرى، أعد الظاهر بيبرس حملة كبيرة سنة 675 هـ وفى موقعة أبلستين حلت الهزيمة الساحقة بالمغول وحلفائهم، ثم دخل بيبرس قيسارية، وقدم له أمراء السلاجقة فروض الولاء. وبعد رجوعه من معركة الأبلستين توفى الظاهر بيبرس يوم الخميس 2 مايو 1277 م وعمره 54 ودفن فى المكتبة الظاهرية فى دمشق بعد حكم دام 17 سنة وتاريخ حافل بالإنجازات العسكرية والسياسية، وكان له دور كبير فى تغيير الخريطة السياسية والعسكرية فى منطقة البحر المتوسط.