الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصطفى أمين ساعى وسائق «روزاليوسف»!

مصطفى أمين ساعى وسائق «روزاليوسف»!

لم تكتم السيدة روزاليوسف إعجابها بالشاب «مصطفى أمين» أحد تلامذة مجلتها وكتبت تقول فى ذكرياتها: كان مصطفى أمين بالذات أكثرهم نشاطا وأكثرهم إصرارا على النجاح وكان تفوقه عليهم ظاهرا». وفى مقال الأستاذ «مصطفى أمين» لولا روزاليوسف لأكلنى السمك الكبير «يعترف بأن السيدة روزاليوسف» ملأته ثقة بنفسه ويروى ذكرياته وقتها قائلا: وتخطئ إذا تصورت إننى كنت أقوم بأعمال نائب رئيس التحرير فى مجلة روزاليوسف فقط! لقد قمت إلى جانب هذه الوظيفة الكبيرة بعدة وظائف خطيرة فى المجلة، كنت أقوم بمهمة المصحح الذى يصحح الأغلاط المطبعية! وكنت أقوم بمهمة الساعى الذى يحمل البروفات من المجلة إلى المطبعة! وكنت أقوم بمهمة عامل التليفون لأن المجلة فى أيامها لم يكن فيها عامل تليفون! وكانت المجلة يومها فيها سيارة واحدة تملكها السيدة روزاليوسف فكنت أقوم بوظيفة سواق المجلة، عندما تطرد السيدة روزاليوسف السواق أو يطالب السواق بإجازة مرة فى الأسبوع! وكنت آخذ «إحسان» و«ميمى» أولاد السيدة «روزاليوسف» إلى السينما إذا انحرفت صحة الدادة «فاطمة» وكنت لا أتردد فى شراء الحمام وورق العنب من سوق الخضار، إذ أن السيدة «روزاليوسف» كانت أمهر سيدة فى صنع ورق العنب المحشى بالحمام! وكان إذا غاب موظف الإعلانات توليت كتابة الإعلانات بدلا منه! وإذا غاب موظف الحسابات رحت أنا أتولى تدوين الرصيد، وكانت الحسابات يومها عبارة عن نوتة صغيرة تحتفظ بها السيدة «روزاليوسف» فى حقيبة يدها!! وكانت حقيبة يدها أيضا هى خزانة المجلة التى يقبض منها المحررون مرتباتهم! ولم أشعر يوما أن كرامتى أهينت لأننى نائب رئيس التحرير وأقوم فى الوقت نفسه بهذه المهام، كنت أجد لذة شراء الفاكهة للسيدة روزاليوسف كما أتلذذ بالحصول على سبق صحفى! ويمضى الأستاذ «مصطفى أمين» قائلا فى مقاله البديع: «وكانت حياتنا فى المجلة حياة غريبة، كانت السيدة «روزاليوسف» تشخط فينا وتؤنبنا ونحن فى مكاتبنا، فإذا انتهى العمل دعتنا لنأكل فى بيتها، وكنا نحبها وهى تأمر وتنهي، وكنا نحبها أيضا وهى تأمرنا بأن نأكل حمامة واحدة وخمسة أصابع ورق عنب!! وكنا نشعر أننا أسرة واحدة لا نفترق أبدا، ليس لدينا مواعيد للعمل ليس عندنا إجازات أو عطلة أسبوعية، كل قرش يدخل المجلة كأنه دخل جيوبنا وكل خسارة تصيب المجلة تشعر كأنها أقتطعت من لحمنا! ولم تكن «روزاليوسف» سيدة فقط ولا مجلة فقط ولكنها كانت ولا تزال مدرسة صحفية، ومن هذه المدرسة خرج كثيرون من الصحفيين اللامعين، ومن هذه المدرسة خرجت عدة مدارس صحفية لعبت دورها فى انطلاق الصحافة فى الشرق الأوسط. ولكن «روزاليوسف» المرأة كانت مخلوقا عجيبا، كانت صاحبة شخصية طاغية وكانت لها قدرة عجيبة على أن تحتل قلوب الذين يعملون معها، فلم تكن صاحبة عمل بل كانت أما وصديقة وأختا، وكانت قدرتها أمام النضال تثير دهشتنا، كانت العواصف تزيدها ثباتا، وكانت الصدمات تضاعف من عنادها، وكانت تقاوم الطغيان والطغاة بشجاعة ألف رجل، وإيمان مائة ألف رجل، ومرت علينا أيام كلها ظلام ويأس فما رأيت هذه المرأة تحنى رأسها مرة واحدة». وللحكاية بقية