الجمعة 19 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من هنا يبدأ التغيير!
كتب

من هنا يبدأ التغيير!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 02 - 03 - 2010


"المحظورة" هي المستفيد من الحراك الكاذب


1


تغيير المادة (76) لن يفيد في شيء.. حتي لو تم إلغاء النصاب وتم فتح الأبواب علي مصاريعها للمرشحين المستقلين.. فلن تتقدم الديمقراطية خطوة للأمام، وقد تتراجع خطوات للخلف.


ماذا تستفيد البلاد إن تقدم للترشيح مائة أو خمسمائة، وهل يؤدي ذلك إلي تفعيل العمل السياسي، وتنشيط الأحزاب، وتحريك المياه الراكدة؟
ألا يجد هؤلاء المستقلون مكاناً في أي من الأحزاب السياسية التي يبلغ عددها 24 حزباً، ليبدأوا من خلالها مشوار التغيير والتقدم نحو الترشيح للمنصب الرئاسي؟
2
"المحظورة" هي صاحبة المصلحة الوحيدة.. لأنها لا تريد أن تندمج في عمل حزبي منظم.. يتيح لها المسئولية والمحاسبة، وتريد أن تنشّط أجواء الفوضي، بعيداً عن الأحزاب الشرعية.
الغزل غير العفيف بينها وبين البرادعي هو الذي يفسر الحماس الشديد لإطلاق عنان المستقلين دون أية ضوابط، وقالها البرادعي بصراحة وبلا مواربة إنه يوافق علي أن يكون للإخوان حزب سياسي.
هم يقاتلون من أجل إلغاء المادة (76)، وأدت الحملة المسعورة ضد هذه المادة، إلي إظهارها وكأنها من المواد الدستورية سيئة السمعة، فأصبح الدفاع عنها مهمة صعبة.
3
الرغبة في التغيير حلم يراود الجميع.. التغيير الحقيقي الذي يحقق مصالح الناس، وحقهم في حياة كريمة لائقة، وليس تغيير اللعب بالشعارات واصطياد المشاكل.
الذين يتحدثون عن التغيير، خصوصاً الشلة المحيطة بالبرادعي لم يقدموا طرحاً واحداً لمعني التغيير وما الأهداف التي يسعي إليها، وما تأثيره علي الناس.
إنهم يتحدثون عن "تغيير الصالونات" والفضائيات والجري وراء العبارات المطاطة والمعاني الزائفة التي نسمعها منذ سنوات طويلة، دون أن تأخذنا خطوة للأمام.
4
التغيير يبدأ من الأحزاب السياسية.. ففي مصر أحزاب تاريخية مثل الوفد والناصري والتجمع والأحرار، ولن تنهض الديمقراطية في البلاد إلا إذا قويت شوكة هذه الأحزاب وأصبح لها تواجد حقيقي بين الناس.
مهمة الدولة هي أن تزيل كل العقبات من طريقها، وأن تتيح لها انتخابات حرة ونزيهة تسمح لها بالتمثيل القوي العادل في البرلمان، كبوابة للعبور إلي تداول السلطة.
الأحزاب تلعب دورها باعتبارها كيانات سياسية منظمة، لها برامج وأهداف، ولكن عليها أن تبدأ مسيرة الإصلاح من داخلها.. وأن تفتح أبواب التغيير أمام الأجيال الجديدة.
5
تجربة الحزب الوطني في التغيير.. ينسي الذين ينادون بالتغيير أن الحزب الوطني كان سباقاً إلي ذلك، وفي السنوات الأخيرة جري تغيير أكثر من 75٪ من القيادات القديمة وإحلالها بقيادات شابة.
في آخر انتخابات تم تغيير حوالي 60٪ وانضم للحزب مهندسون ودكاترة وصيادلة وإعلاميون وغيرهم.. وهي تجربة يجب أن تحذو الأحزاب حذوها.
سوف ينعكس هذا التغيير علي قوائم المرشحين في الانتخابات البرلمانية، وسيكون للوجوه الجديدة الدور الرئيسي والفاعل في تلك الانتخابات.
6
التغيير بطريقة "الفرقعة الإعلامية".. مثل "زفة البرادعي" التي قامت بالنفخ في شعارات قديمة وعبارات مستهلكة، لتصنع منها بالوناً كبيراً اسمه التغيير.
كل الشعارات هي أقل بكثير من الطموح السياسي الذي يجب أن تخطو إليه البلاد، وسبق للأحزاب السياسية أن رفعت أكثر من هذه الشعارات أضعافاً مضاعفة.
"الفرقعة الإعلامية" إن لم تجد البرادعي لخلقت "برادعي" ومن الآن فصاعداً سوف نبحث عن برادعي جديد، تضعه تحت الأضواء وتخلق به جدلاً وصخباً.
7
التغيير الحقيقي في المادة (77).. لأنها هي البوابة الشرعية للتداول السلمي للسلطة، بتحديد الرئاسة بمدتين فقط.. ولكن لا أحد يتحدث عن ذلك بحماس، وكل الصخب يدور حول المادة (76).
ليست القضية هي كثرة عدد المرشحين لمنصب الرئاسة، ولكن بقوة تلك الشخصيات ودورها السياسي في المجتمع وقوة الأحزاب التي تقف خلف مرشحيها وتدعمهم وتساندهم.
من الذي سيقف وراء المرشح المستقل مهما كانت قوته، وإذا كان هناك عشرة مرشحين مستقلين هل نري وراء كل مرشح "مجموعة" مثل التي تناصر البرادعي الآن.. فيختلفون وتذهب ريحهم؟
8
تغيير الدستور كلمة "مطاطة".. فالذي يتحدث عن تطوير التعليم لايدرك أن ذلك لا علاقة له بتغيير الدستور، ولكن بتدبير 75 مليار جنيه سنويا للإنفاق علي التعليم الأولي.
الذي يتحدث عن الفقر يجب أن يعلم أن المشكلة هي جذب مزيد من الاستثمار وتحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية التي تأخذ من الغني لصالح الفقير، بشفافية وعدل.
التغيير الحقيقي يبدأ من إزالة وصمة عار اسمها العشوائيات وتوفير فرص عمل للعاطلين والعلاج الحاسم لمشكلة الفقر، وسيشعر الناس بالتغيير إذا أصبحت حياتهم أفضل.
9
التغيير يبدأ من احترام المنصب الرئاسي.. أياً كان رئيس مصر فهذا المنصب يجب أن يتمتع بالقوة والاحترام، لأنه واجهة الوطن والمتحدث باسمه وعنوان البلاد في الداخل والخارج.
الرئيس مبارك خدم مصر أكثر من 60 سنة، يعمل بالليل والنهار ولم يعد المنصب بالنسبة له جذاباً أو فيه أي متعة، ويكفيه فخراً أنه حقق لبلده أمناً واستقراراً وتقدماً في منطقة تغلي بالقلاقل والاضطرابات.
المستقبل ملك للجميع، ولكن أن تحتكر مجموعة لنفسها شعارات التغيير وأن تتصور أن الشعب كله معها، فتتحدث بلسانه وتهتف بدلاً منه.. فهذا هو أسوأ أنواع التغيير!


E-Mail : [email protected]