الجمعة 19 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سنة أولى إحسان عبدالقدوس!

سنة أولى إحسان عبدالقدوس!

أين ذهبت مذكرات إحسان عبدالقدوس أسطورة «روزاليوسف» والصحافة العربية!! فى أكثر من مقال اعترف الأستاذ «إحسان عبدالقدوس» أنه يكتب مذكراته، بل إنه كان يعيد نشر فقرات أو صفحات من هذه المذكرات أو الذكريات!! ومرت السنوات، وقبل رحيله بسنوات سأله المحاور الكبير الأستاذ «مفيد فوزى»: لماذا لا تكتب مذكراتك وكانت إجابته: لست كهلًا لأكتب مذكراتى. ويبقى السؤال أين مذكرات إحسان التى كان يكتبها من وقت لآخر، ومنها على سبيل المثال ما كتبه فى عدد 8 يناير سنة 1947 بعنوان «أول يناير»، واعترف فى مقدمته بقوله «هذه صفحة من مذكرات كتبتها لأحتفظ بها لنفسى ولكن زملائى المحررين صمموا على نشرها بعد أن قرأتها عليهم فرضخت وعليهم وحدهم تقع مسئولية النشر»!! وكتب إحسان يقول: «فى مثل هذا اليوم منذ سبعة وعشرين عاما وفى منتصف الليل تماما وبينما كان التاريخ يقلب صفحات الزمن من عام إلى عام، والعالم يرقص ويتبادل الانخاب والقبلات تحية لعام 1920 وكان المصريون فى ثورتهم يحصدهم رصاص الإنجليز ليخمد فى حناجرهم صوت الحرية والاستقلال دوت «واء.. واء» فى أذن الوجود تبشر بمولدى السعيد!! واستمرت حياتى إلى اليوم صورة من ليلة مولدى رقص ودموع ودم وقبلات وكلمات وضحكات وعرق وظلمات تبددها الأنوار، ولا أذكر فى حياتى أن ربحت ربحًا سهلًا أو حققت أمنية بمجرد أن طلبتها من الله، أو خطوت خطوة اعتمدت فيها على الحظ وحده! كتبت أول قصة فى حياتى عندما كنت فى العاشرة وكانت قصة تمثيلية أردت من أطفال الحى أن يقوموا بتمثيلها، ولكن أحد أقربائى وكان يقوم بالإشراف على حياتى المدرسية - لمح القصة فى يدى فضربنى ضربا ما زالت أثاره فوق جسدى! ومزق القصة فحاولت الانتحار ثم فضلت عنه أن أهرب من المنزل، وقد هربت ليلتها وأعدت كتابة القصة على ضوء مصباح الشارع وقمنا بتمثيلها فى اليوم التالى!! وكتبت أول خبر صحفى عندما كنت فى السنة الرابعة الابتدائية بمدرسة خليل أغا الملكية، وكان خبرًا عن نجل المغفور له «زكى باشا الإبراشى» وكان طالبًا معى فى نفس المدرسة، وقدمت الخبر إلى «مصطفى أمين بك» وكان يتولى تحرير باب الطلبة فى جريدة «روزاليوسف»، فهنأنى عليه ثم مزقه وأعاد كتابته من جديد وعرضه على الأستاذ «التابعى» فهنأه عليه ثم مزقه وكتبه من جديد!! وعلم ناظر المدرسة أنى أنا الذى أوصل الخبر إلى الجريدة، فنادانى وضربنى «قفا» ثم صادرنى من المدرسة لأنه لم يستطع أن يصادر المجلة.. ورُفدت!! وعندما كنت فى الرابعة عشرة من عمرى أردت أن أسافر إلى الإسكندرية فى الصيف فمنعنى والدى ومنع عنى النقود وكان لى حصالة صغيرة كنت أحتفظ بها للأيام السود، وكانت تحوى تحويشة العمر كله! وأعتقد أن أيام الصيف فى القاهرة هى الأيام السود فحطمت الحصالة وكان بها خمسة جنيهات أخذتها وهربت بها إلى الإسكندرية، وقضيت هناك ثلاثة وثلاثين يومًا كنت خلالها أطهى طعامى بنفسى وأغسل ثيابى بيدى وأكنس وأمسح الكابين الصغير الذى كنت أقيم فيه! وكتب عنى يومها الأستاذ «فكرى أباظة بك» فى جريدة المصور مشيدًا باعتماد الشباب على نفسه! وقد اعتبرت نفسى يومها عظيمًا من العظماء الذين تكتب عنهم الصحف رغم أنه كان يسرنى أن أعتمد على والدى لا على نفسى فى التصييف» ... و....و وللحكاية بقية!