الخميس 18 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أكتب إليكم من قلب المظاهرة (1)
كتب

أكتب إليكم من قلب المظاهرة (1)




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 04 - 05 - 2010



ثم حدثت المهزلة في الواحدة وعشر دقائق ظهراً
1
- جاءت اللحظة الموعودة في الواحدة وعشر دقائق ظهراً، ارتفعت في الهواء ما لا يقل عن مائة وخمسين كاميرا فضائية وعشرات الموبايلات لتصوير المشهد المأساوي .. تمثيلية الأمن المصري يضرب المتظاهرين المسالمين ويسحلهم علي الأرض.
- المشهد الحزين كان معدًا له بدقة، صحيح أنني أكتب في الثانية والنصف ظهراً بعد حضوري المظاهرة وقوفاً في الشمس لمدة أربع ساعات ونصف الساعة إلا أنني أتوقع ما سوف تبثه الفضائيات مساء.
- مندبة وبكاء وصراخ وعويل، وفضيحة بجلاجل لهذا البلد الآمن الطيب، فضيحة من صناعة ما لا يزيد علي خمسين شخصًا، بمساعدة إعلام معادٍ ومحرض حتي النخاع.
2
- أولاً: الذي حدث بالضبط هو أن المظاهرة انفضت بالفعل في الواحدة ظهراً وغادرها أعضاء مجلس الشعب وبعض الشخصيات وعددهم لا يزيد علي 40 شخصًا.
- ثانيًا: بقي في حديقة مسجد عمر مكرم نحو 50 شابًا يحوطهم عدد كبير من جنود وضباط الشرطة غير المسلحين ولا يحملون حتي العصي أو الأسلحة الشخصية، بأيديهم فقط.
- ثالثًا: فجأة ارتفعت في الهواء عشرات من الورود الحمراء مثل ورود الفالنتين في أيدي الشبان الذين يريدون اقتحام الكوردون الأمني، ليتظاهروا أمام مجلس الشعب.. من الذي وزع عليهم هذه الورود؟
3
- رابعًا: تدافع هنا وهناك.. الشبان يدفعون رجال الشرطة للوراء، ورجال الشرطة يتشبثون بأماكنهم مثل لعبة «شد الحبل»، حتي حدثت الشرارة، عصا إحدي اليفط هوي بها شاب من 6 أبريل علي رأس ضابط أمن مركزي.
- خامسًا: حدثت الفوضي المخططة، واندفع إلي ساحة المظاهرة التي لا تزيد علي 500 متر مربع ما لا يقل عن مائة صحفي وكاميرا، بينهم عدد محدود من النساء المتظاهرات.
- سادسًا: حدث وقوع علي الأرض وصراخ وعويل وبكاء وهتافات، «حتي بيضربوا البنات».. وبدأت الوليمة الصاخبة التي عبثت فيها الكاميرات ومعظم الذين وقعوا علي الأرض كانوا من المصورين الذين تزاحموا حول بعضهم .
4
- أكتب في الثانية والنصف ظهراً ولا أعرف ما سوف تبثه الفضائيات ولكن أتوقع أن يجعلوها جنائزية، وأصرخ بأعلي صوتي «حرام عليكم، فهذا البلد لا يستحق هذه الشوشرة المفتعلة».
- من بداية اليوم وهناك استفزازات رهيبة تتعرض لها الشرطة علي أيدي مجموعة قليلة من الشباب «المستبيعين»، يقتربون من الجنود والضباط لمسافة سنتيمترات، ويتم استفزازهم بكل الطرق الحركية واللفظية.
- علي الرصيف المقابل وقف اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة وكبار قيادات الداخلية، وقال لي: «سوف أفوت عليهم كل الاستفزازات، فهم يسعون إلي لحظة التصوير الكبري».
5
- تكررت الاستفزازات ثلاث مرات، وأكد لي مدير الأمن أنه اتفق مع ستة من أعضاء مجلس الشعب الذين طلبوا القيام بالمظاهرة أن ينصرفوا لتقديم مطالبهم إلي رئيس مجلس الشعب دون التظاهر في الشارع.. ووافقوا .
- لكن هذا لم يعجب بعض الشباب الذين أخذوا يصرخون «المسيرة.. المسيرة» فأنقذ أذان الظهر أعضاء مجلس الشعب والشخصيات العامة المعروفة في هذا المجال فانسحبوا إما إلي المسجد أو إلي سياراتهم.
- كي تتصوروا معي المشهد، فحديقة مسجد عمر مكرم لا تزيد مساحتها علي30مترًا * 20 مترًا في شكل مثلث مقلوب ظهره لميدان التحرير ورأسه للمسجد، 80 % من الموجودين إما أمن أو إعلام.
6
- ملاحظتي الأولي: أن غالبية من حضروا من الشخصيات العامة كانوا من عناصر المحظورة، عشرة علي الأقل، ومعهم عدد يحصي علي أصابع اليدين مثل حمدين صباحي وسعد عبود وعبد المنعم العليمي وحسن نافعة وحمدي قنديل .
- ملاحظتي الثانية: حضور عدد من الناشطات السياسيات، وحرصن علي إضفاء سخونة علي التظاهرة قبل أن تبدأ، أما في آخرها فقد أشعلنها صراخاً وبكاء وعويلاً و«صوري يافضائيات».
- أما الملاحظة الأهم فهي أن الأمن لم يمنع أحدًا من الحضور، وكانت التاكسيات والسيارات تقف أمام المسجد وينزل منها مواطنون عاديون، دون أن يعترضهم أحد لقضاء حوائجهم في المنطقة.
7
- التظاهرة كانت زوبعة صغيرة، سوف تجعل منها الفضائيات بركاناً هائلاً، لتصور الموقف وكأن مصر كلها كانت تتظاهر وتم سحلها، مع أنه حادث ال500 متر.
- الحضور شمل أيضاًَ نفرًا قليلاً من اليساريين وكفاية والشيوعيين ولم يزد العدد الإجمالي لجميع من حضروا في أحسن الأحوال علي 180 شخصًا، يصلون إلي 600 شخص بالإعلام و الأمن .
- طبعًا.. المؤكد أن الفضائيات سوف تظهر الأمر وكأنه نصف مليون مواطن، وسوف تبحث عن هراوات وقنابل مسيلة للدموع وأسلحة، وإن لم تجدها فسوف تخترعها.
8
- الهتافات.. كانت غاية في البذاءة والسفالة وقلة الأدب، وأتمني أن تبثها الفضائيات لتبرز الوجه القبيح لبعض الشبان «المستبيعين» الذين اخترقوا المظاهرة وأفسدوها.
- اليافطات.. لا يزيد عددها علي خمس، إحداها هي التي استخدم أحد الشبان عصاها الخشبية في ضرب ضابط الأمن المركزي وتسبب في التدافع والفوضي.
- الميكروفونات.. لم يظهر سوي ميكروفون واحد، هو بالطبع ليس لمحمد عبد القدوس، وعندما سألته عن ميكروفونه قال: «حياخدوه مني ياعمنا».
9
- الدروس المستفادة: (1) لو كنت مكان التليفزيون المصري لأرسلت الكاميرات والمراسلين لتقديم الصورة الحقيقية للمصريين، بدلاً من الكاميرات الضالة التي تملأ الدنيا ليعرف المصريون جميعاً حقيقة مثل هذه التظاهرات الكاذبة.
- (2) الأمن كان نموذجاً في ضبط النفس وعدم الاستفزاز، وكان مستحيلاً أن يتجاوز عن ضرب أحد الضباط، حتي لو كان مواطناً عادياً فلن يقبل ذلك، فالكرامة فوق أي اعتبار، وهؤلاء في النهاية بشر.
- (3) الثعالب: هم الذين أشعلوا النار وأمسكوا الميكروفونات ثم انسحبوا من المظاهرة وتركوا وراءهم الفوضي، فعلوا هذه الفتنة من أجل مطالب عادية.. لكنه فن صناعة الفضيحة والشوشرة.


.. وللحديث بقية


E-Mail : [email protected]