الجمعة 18 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
متاحف الإرهاب بالسم الهارى

متاحف الإرهاب بالسم الهارى

قبل يومين كتب الزميل الفاضل الأستاذ رشدى أباظة مقالا تحت عنوان «بسبوسة بالسم الهارى»، عما تسميه الجماعة الإرهابية فيلما تعمل عليه، وانتهى المقال إلى حاجتنا لتوثيق فنى لجرائم التنظيم فى محيط الاتحادية، وتوثيق جريمة اغتيال النائب العام وجرائم رابعة والواحات وغيرها الكثير. الحقيقة المقال نكأ جرحا غائرا عن صمت دولتنا تجاه توثيق جرائم الإخوان ليس بأعمال فنية وفقط، وإنما بأدوات كثيرة، ومن أبرزها ما دعوت له مرارا وتكرارا، بخصوص توثيق جرائم الإرهابية وحلفائها، من خلال إنشاء متاحف تاريخ الإرهاب، الكفيلة بغرس حقيقة هؤلاء القتلة فى وعى ووجدان الأجيال الحالية والمقبلة معا. الأيام تثبت مع مرور الزمن أن فكرة متاحف تاريخ الإرهاب هى الوسيلة المُثلى لمكافحة ومحاصرة عمليات تزوير التاريخ بوقائع كاذبة مثل ما يطلقون عليه مذابح رابعة، أو اضطهاد المسلمين، أو سلب الشعب المصرى حقوقه، وهى كلها أكاذيب تطلقها جماعات الإرهاب فى محاولة لإثارة الوقيعة بين الشعب وقيادته السياسية. أوروبا- حاضنة جماعات الإرهاب تحت لواء حقوق الإنسان- ذهبت إلى تدشين متاحف للتذكير بجرائم النازية والفاشية، وسنت قوانين تجرم مجرد الجهر بأفكارهما وشعاراتهما؛ كل ذلك حتى لا ينسى المواطن الأوروبى ما جنته تلك الإيديولوجيات من دمار وخراب، وهى فعلا – أوروبا – حاصرت تسرب الأفكار النازية إلى الأجيال الجديدة عبر تأسيس ذاكرة مؤسساتية قائمة على سرد الوقائع و«أرشفة» التاريخ بدلا من الاعتماد على الذاكرة  أو الأحاديث الفردية للقادة أو المؤرخين.   فكرة متاحف الإرهاب فى القاهرة والمحافظات، هدفها مشاهدة الناس ومعايشتهم بالصوت والصورة وبمختلف الأساليب من ديكورات لتماثيل لتجسيد وقائع ومواجهات حصلت مع الإرهابيين وعروض توثيقية ووثائقية وسينمائية وصوتية يمكن للمصريين بأجيالهم المختلفة التعرف من خلالها على الإرهاب ومخاطره. متاحف الإرهاب جزء من نضال ثورة يونيو فى استعادة الدولة الوطنية والدفاع عنها وترسيخ مفاهيم الدولة الحديثة فى مواجهة دولة المرشد ومواجهة فكر العنف والتطرف وهى متاحف ستقدم للمصريين صورة جادة وصادقة وحقيقية عما حصل فى مصر وعن كذب ونفاق هذه العصابات الإرهابية. مواجهة الإرهاب تتطلب ما هو أبعد من الأداء الأمنى والعسكرى، لأنك تتعامل مع أفكار قادرة على التوالد والانتشار فى العقول عبر وسائل زائفة ومخادعة عدة. وستظل المشكلة قائمة طالما لم نصغ واقعا ثقافيا وطالما لم نخلق وعيا فكريا فى مواجهة الإرهاب والتطرف. نحن نحتاج لمبادرات وأفكار وأساليب قادرة على ضخ الوعى وبث التحذيرات بخطر الجماعات الإرهابية كلها من دون استثناء فلا فارق بينها سوى فى المسميات، ولن ينفع فى تحقيق هذا التواصل بين المصريين وبين الأجيال المتعاقبة إلا متاحف للتاريخ والتوثيق للأحداث بكل وسائل التسجيل والتوثيق. كما صنعنا بانوراما أكتوبر لتتذكر الأجيال الجديدة حرب أكتوبر المجيدة وما جرى فيها، نحتاج إلى متاحف الإرهاب حتى لا ينسى الناس ما فعله الإرهابيون ببلادنا وحتى لا ننسى أكاذيبهم ودمويتهم وكراهيتهم لكل مصرى لا ينتمى لجماعتهم الإرهابية.