الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ثورة الإذاعة والأصوات الرديئة!

ثورة الإذاعة والأصوات الرديئة!

«أوقفت الإذاعة 45 مطربًا ومطربة عن الغناء، وثأر هؤلاء المطربون ولجأوا إلى مجلس الأمة وإلى القضاء يطالبون بحقهم فى أن يقفوا أمام الميكروفون هذا الحق الذى اكتسبه بعضهم من سنين طويلة والذى أصبح بالنسبة لمعظمهم هو المصدر الوحيد لكسب الرزق». هذه السطور هى مقدمة مقال بديع ومهم كتبه الشاعر الكبير «صلاح عبدالصبور»، فى مجلة صباح الخير نوفمبر سنة 1957 - منذ 62 سنة - حيث كان وقتها محررًا فى مؤسسة روزاليوسف ويكتب بانتظام كل أسبوع!! كان عنوان مقال صلاح عبدالصبور هو «الإذاعة والأصوات الرديئة» وبعد المقدمة السابقة يقول: «وقد يدهش القارئ لهذا الرقم الكبير، فهو لا يحس نقصًا فى برامج الإذاعة، ولم يفتقد صوتًا من هذه الأصوات التى انقطعت عن الغناء، ومازالت الأغانى تملأ برامج الإذاعة ليل نهار!! وربما وافق القارئ الإذاعة على إجرائها القاسى الذى تسبب عنه كما قال لى أحدهم: أن أقفلت بيوت، وحرم الأولاد الصغار من لقمة العيش! والواقع أن هذا الإجراء كان نتيجة لخطأ كبير فى تقديم الأصوات، إذ إن الإذاعة درجت فى السنوات الماضية على أن تسمح فى برامجها لأصوات كثيرة ينقصها الجمال والاتقان أن تصدع رءوس المستمعين حتى أصبح هذا حقا لهم ومورد رزق دائم! ويضيف الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور قائلا: «كما أن أزمة المسارح الغنائية ودور الموسيقى فى مصر قد ساهمت فى هذه الأزمة، فباستثناء الكباريهات ليس هناك مجال آخر للغناء، والكباريهات لا تقدم فنًا! أو على الأصح لا تجعل الفن فى المكان الأول! ولو كان بمصر صالات راقية للغناء أو الموسيقى أو مسارح غنائية تقدم الأوبريت والفواصل الغنائية لأمكن لهذه الدور أن تستوعب عددًا كبيرًا من هؤلاء المطربين!! إن الإذاعة كمؤسسة حكومية وحيدة لا منافس لها يجب أن تكون هى نهاية خط المطرب أو المطربة نحو النجاح لا أن تكون البداية، وعلى المطرب أن يحاول أولا إقناع الرأى العام بموهبته قبل أن يقنع بها لجنة الاستماع بالإذاعة! ومع ذلك فالمسألة رغم عدالتها الظاهرة مسألة قطع أرزاق، ويبدو أن الرحمة والعدل أو بالأحرى الرحمة والفن لن يتفقا فى هذه المسألة! ليت الإذاعة تلجأ إلى حل آخر ولو بتقليل إذاعات هؤلاء المطرودين، أو بإذاعة أغانيهم فى أوقات لا يقبل عليها المستمع. انتهى المقال، لكن المشكلة بقيت قائمة بشكل مختلف فقد تراجع دور الإذاعة - لأسباب يطول شرحها - ولم تعد الإذاعة هى المكان الوحيد للمطرب أو المطربة، ولم تعد للكلمة لجان الاستماع بها سطوة على المطربين وكلماتهم وألحانهم.. إلى أن دخل القطاع الخاص مجال الغناء، وبدأ بعض التساهل فى إنتاج الأغانى.. بل إن بعض الأصوات التى رفضتها لجان الاستماع فى الإذاعة تسللت عبر الشركات الخاصة لتفرض ذوقها الغنائى رغم أنف الجميع، بل وصلت الوقاحة ببعضهم أن يقارن نفسه بأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ونجاة وشادية وغيرهم.. ولعلك استمعت إلى ذلك الهراء والسخف المسمى بالأغانى سواء عبر فضائيات بير السلم أو مواقع التواصل الاجتماعى، ورحم الله زمن الغناء الجميل وأهله!! الشاكوش فى كل زمان..