الأربعاء 6 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صلاح حافظ بقلم يوسف إدريس!

صلاح حافظ بقلم يوسف إدريس!

كنت سعيد الحظ بمحاورة معظم نجوم الصحافة المصرية ووجدت هذه الحوارات طريقها للنشر على صفحات مجلة «صباح الخير» التى أتشرف بالانتماء إليها كل هذه السنوات، ثم سرعان ما صدرت أغلب هذه الحوارات فى كتب أعتز وأفخر وأتشرف بها.. ومن وسط هذه الأسماء أعتز بمحاورتى لاسمين بارزين فى عالم الكتابة، الأول «صلاح حافظ» مايسترو الصحافة المصرية والثانى «د. يوسف إدريس» أمير الرواية والقصة القصيرة! ولا أنسى حماس وحفاوة الكاتب الكبير الأستاذ لويس جريس «رئيس تحرير صباح الخير وقتها بنشر هذه الحوارات لأسابيع طويلة من شتاء سنة 1984 وصيف عام 1985، وبعدها صدرت فى كتابين هما «الصحافة، السلطان، الغضب» ذكريات «صلاح حافظ» و«ذكريات يوسف إدريس». عشرات الذكريات والحكايات عادت إلى ذاكرتى منذ أيام عندما اكتشفت وسط أوراقى مقالًا نادرًا كتبه د. يوسف إدريس» عن «صلاح حافظ» عقب خروجه من السجن بعد أن أمضى به حوالى عشر سنوات بتهمة الانضمام إلى تنظيم شيوعى يهدف لقلب نظام الحكم..  المقال نشره د.يوسف إدريس فى كتابه «جبرتى الستينيات الذى تضمن نشر يومياته فى فترة الستينيات من القرن الماضى..، كان عنوان المقال «صديقى العائد»!! فى المقال لم يذكر د. يوسف إدريس حرفًا واحدًا عن سجن صلاح حافظ فكان ذلك بفعل الرقابة والظروف السياسية السائدة وقتها.. وفى هذا المقال كتب يقول: الغائب الذى طالت غيبته ولكنه أخيرًا عاد! وكنت أتوقع أى شىء إلا أن أجده كما هو وكما كان دائمًا بنفس الملامح والشعر والمنطق الساحر البسيط الرزين- وهذا هو «صلاح حافظ كما عرفته  الآلاف من قراء روزاليوسف منذ بضع سنوات فى بابه المشهور «انتصار الحياة». وصلاح «ليس صديقى وزميلى فى مهنة القلم فقط، ولكنه أهم من هذا, زميل فى مهنة المشرط، كنا فى كلية الطب ومعنا الزميل الكشر الغضوب «محمد يسرى أحمد» كاتب القصة العملاق الذى أصبح الآن مفتشًا لصحة القناطر الخيرية! جمعتنا معًا علاقتنا المشتركة بالمرحوم الدكتور «إبراهيم ناجى» وجلساتنا الطويلة فى إيزافيتش والتافرنا وصولات النقاش وجولاته حول الفن والشعر والحياة.. وعلاقتى بصلاح حافظ بالذات تمت عن طريق القصة، ففى مجلة «القصة»، قرأت يومًا قصة دوختنى اسمها «الذبابة» رحت أتصور كاتبها وكأنه “نصف إله”.. وإذا بى أروع بعد بضعة أيام ونحن نجتمع لإصدار مجلة لطلبة كلية الطب أن أحد المجتمعين معنا، بل أضألهم جسدًا وأرقهم عودًا هو «صلاح حافظ» كاتب القصة التى جننت بها طالبًا معى نفس الكلية وفى نفس الدفعة.. كيف يتسنى لطالب طب مثله أن يكتب قصة بهذه الروعة؟! وكيف أصدق أن لى زميلا آخر يشاركنى نفس هواية القصص؟ بل أكثر من هذا أن تكون قد وصلت به هوايته حد نشر إنتاجه فى مجلة «القصة»! ولو كنت قد سمحت لنفسى بالتصور كيفما شئت لما امكن لخيالى أن يعبر الزمن وأن يتصور أن هدا الاجتماع من أجل إصدار مجلة سيحدد خط علاقة طويلة لسنين كثيرة مقبلة بلغت إلى الآن أكثر من أربعة عشر عامًا. واليوم ها هو ذا «صلاح حافظ» بدمه ولحمه وابتسامته قد عاد ولكن المشكلة إنى سأظل أعتبره غائبًا إلى أن يكتب وإلى أن يتاح لى مرة أخرى أن أقرأ أبسط أسلوب كتب فى الصحافة المصرية مع الدقة المثالية فى اختيار كل لفظ والذكاء الشديد فى إيراد الحجج والأدلة، إلى درجة أنى وأنا طبيب امتياز سألنى أستاذنا الدكتور «أحمد حافظ موسى» عن ذلك الطبيب الحاذق العلامة الذى يكتب باب «انتصار الحياة» فى روزاليوسف، وحين أخبرته أن كاتبها ليس طبيبًا ولكنه طالب طب لايزال، بل أيامها كان ولا يزال فى المشرحة وأمامه للتخرج ثلاث سنوات!! حين قلت هذا للدكتور «حافظ موسى» لم يصدقنى واعتبر كلامى هزلا، ولكن هذا هو بالضبط «صلاح حافظ» وقدرته الخارقة على التبسيط والإقناع.  وللحكاية بقية!