الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البيرونى (أكبر عظماء الحضارة الإسلامية)

البيرونى (أكبر عظماء الحضارة الإسلامية)

من أكبر عظام علماء الإسلام ومن أكابر علماء العالم  كما عرّفه جورج سارتون فى كتابه «تاريخ العلوم» وكما وصفه المستشرق الألمانى سخاو بقوله «أعظم عقلية علمية عرفها التاريخ». كان رحّالاً وفيلسوفاً ورياضياً وفلكياً وجغرافياً وصيدلانياً وعالماً موسوعياً، هو أبو الريحان محمد بن أحمد البيرونى ولد فى 4 سبتمبر عام 973م فى مدينة كاث عاصمة خوارزم والتى تقع حالياً فى أوزبكستان وكانت مدينة خوارزم مركزاً عظيماً من مراكز الثقافة الإسلامية ازدادت شهرتها بعد انهيار الخلافة الإسلامية فى بغداد. مال البيرونى منذ وقت مبكر الى دراسة الرياضيات والفلك والجغرافيا وشغف بتعلم اللغات فكان يتقن الفارسية والعربية والسريانية واليونانية والهندية، وتلقّى العلم على يد أبى نصر منصور بن على بن عراق أحد أمراء أسرة بنى عراق الحاكمة لخوارزم وكان عالماً مشهوراً فى الرياضيات والفلك كما اكتسب دراية كبيرة بالعلوم الهندسية والفلك وحساب المثلثات من أبى الوفاء العالم الفلكى الشهير وصاحب مرصد بغداد. انتقل البيرونى الى جرجان عام 998م والتحق ببلاط السلطان قابوس بن وشكير الملقب بشمس المعالى وكان محباً للعلم ويحفل بلاطه بجهابذة العلم وأساطين المعرفة وتزخر مكتبته بنفائس الكتب وهناك التقى العالم الكبير «ابن سينا» وناظره والطبيب الفلكى المشهور أبى سهل عيسى بن يحيى النصرانى وتتلمذ على يديه وشاركه فى بحوثه وتم بناء مرصد فلكى ليستعمله فى رصد الأجرام السماوية وفى أثناء ذلك أنجز أول مؤلفاته الكبرى ”الأثار الباقية من القرون الخالية“ وهو كتاب فى التاريخ العام يتناول التواريخ والتقويم التى كانت تستخدمها العرب فبل الإسلام واليهود والروم والهنود ويبين تواريخ الملوك من عهد سيدنا أدم حتى وقته وفيه جداول تفصيلية للأشهر الفارسية والعربية والعبرية والرومية والهندية ويبين أستخراج التواريخ بعضها من بعض. التحق البيرونى بعد ذلك بمجلس العلوم الذى أقامه مأمون بنى مأمون أمير خوارزم الجديد وكان يزامله فى هذا المجمع العلمى العالم الكبير ابن سينا والمؤرخ والفيلسوف ابن مسكويه. ثم رافق السلطان الجديد محمود الغورى فى فتوحاته الظاهرة فى بلاد الهند وقد هيأ له ذلك أن يحيط بعلوم الهند حيث عكف على دراسة لغتها واختلط مع علمائها، ووقف على ماعندهم من العلم والمعرفة وأطلع على كتبهم فى العلوم والرياضيات، ودرس جغرافيا الهند من سهول ووديان وجبال اضافة الى عاداتها وتقاليدها ومعتقداتها المختلفة ودون ذلك كله فى كتابه الكبير ”الطائر الصيت“ المعروف ب ”كتاب الهند“ ويصف المستشرق سخاو هذا الكتاب بأنه ”أثر فريد فى بابه لامثيل له فى الأدب العلمى القديم أو الوسيط سواء فى الغرب أم فى الشرق“. بعد تولى السلطان مسعود بن محمود الغزونى الحكم خلفاً لأبيه قرب اليه البيرونى وأحاطه بما يستحق من مكانة وتقدير حتى إنه عندما كتب موسوعته النفيسة فى علم الفلك أطلق عليها ”القانون المسعودى فى الحياة والنجوم“ وأهداها الى السلطان مسعود الذى أعجب بهذا العمل فبعث اليه  بمكافأه عبارة عن حمل فيل من القطع الفضية غير أن البيرونى اعتذر عن قبول المكافأة وأوضح أنه يخدم العلم فقط وليس من أجل المال. تبلغ مؤلفات البيرونى 146 كتاباً فى علوم مختلفة فقد كتب فى الحساب وشرح الأرقام الهندسية شرحاً وافياً وهى الأرقام التى اتخدت أساسا للأرقام العربية كما يعد الواضع الأساسى لعلم الميكانيكا وكانت له نظريات فى إستخراج الأوتار من الدائرة وأستطاع أن يبتكر معادلة لمعرفة محيط الأرض تعرف بقاعدة البيرونى، وقال البيرونى بدوران الأرض وأنكر أن تكون الأرض مسطحة، وإفترض أن الأرض ربما هى التى تدور حول الشمس وكان البيرونى لا يستبعد نظرياً إحتمال أن يكون النصف الغربى من الكرة الأرضية معموراً قبل أكتشاف الأمريكتين بعد ذلك بخمسة قرون وعند وصفه لتضاريس الأرض ومسالك البحار والمحيطات تكلم للمرة الأولى على أنه ليس ما يمنع من إيصال المحيط الهندى بالمحيط الأطلنطى جنوبى القارة الإفريقية على عكس ما كان شائعاً فى ذلك الوقت.