
أ.د. رضا عوض
عبد الملك بن مروان
(أبو الملوك) (26 هـ - 86 هـ / 646 - 705م) الخليفة الخامس من خلفاء بنى أمية والمؤسس الثانى للدولة الأموية. ولد فى المدينة، وتفقه فيها علوم الدين، وكان قبل توليه الخلافة ممن اشتهر بالعلم والفقه والعبادة، وكان أحد فقهاء المدينة الأربعة وقبل توليه الحكم، شارك فى الجهاد على رأس حملة إلى أرض الروم سنة 42 هـ.
وكان ضمن الجيش الذى غزا إفريقيا مع معاوية بن خديج، وكلفه بفتح جلولا فى الشمال الإفريقى وكان له دور سياسى فى عهد والده مروان بن الحكم، فقد تولى إمارة فلسطين، ثم تولى إمارة دمشق عند ذهاب والده لفتح مصر.
استلم الحكم بعد أبيه مروان بن الحكم سنة 65 هـ الموافق 684م، حكم دولة الخلافة الإسلامية واحدًاوعشرين عامًا تسلم عبد الملك بن مروان حكم الدولة الأموية فى وقت كانت الفتن والاضطرابات والانقسامات تعصف بها.
فقضى على ثوره التوابين بالكوفه بالعراق وكان الحجاز وبقية بلاد المسلمين إلا دمشق وجزء من الأردن تدين لعبد الله بن الزبير، فخرج عبد الملك إلى العراق، وانتصر ثم سارع بإرسال جيش إلى الحجاز بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفى لمواجهة عبد الله بن الزبير، فحاصر الحجاج مكة، وانتهى الحصار بمقتل عبد الله بن الزبير ودخول مكةوالحجاز تحت سيادة بنى أمية عام هـ73 .
وتوحد العالم الإسلامى تحت ولاية عبد الملك بن مروان وأصبح الخليفة الشرعى الوحيد للمسلمين تذكر كتب التاريخ عددًا من إنجازاته أهمها اهتم اهتمامًا خاصًا بشئون الإدارة فى الدولة، وسار على نهج معاوية فى تطوير المؤسسات والاهتمام بالإصلاحات فقام بتطوير الجهاز الإدارى وتنشيطه وتعريب الإدارة والنقد المالي، وهى ما عرفت فى عهده بحركة التعريب، وركز على تطوير ثلاثة أركان رئيسية فى إدارة الدولة دواوين الدولة والولاة والبريد، فالبريد فى عهده أصبح عصب الدولة كما أنشأ دارا للمحفوظات الحكومية فى دمشق.
كان من أهم عوامل تعريب الدواوين هو اتجاه عبد الملك لتعريب الاقتصاد، حيث ضُربت العملة الإسلامية الخالصة لتحل محل العملات الأجنبية من الدينار البيزنطى والدرهم الفارسى.
كما كان لتعريب الدواوين أثر مزدوج من الناحيتين السياسية والأدبية على، فمن الناحية السياسية صبغت الدولة الإسلامية بالصبغة العربية، وأصبحت اللغة العربية هى لغة الكتابة الرسمية للدواوين، فنُقل إليها كثير من الاصطلاحات الفارسية والرومية، وبدأت تظهر طبقة من الكتّاب المسلمين منذ ذلك الوقت، فهو أول من أمر بنقل بعض كتب الكيمياء والطب من اليونانية إلى العربية قطع الرخام وزخرفته والبردى فى مصر كما تطورت صناعة والصناعات الحربية فقام بافتتاح دار صناعة السفن فى تونس، وكانت نواة الدار ألف عامل متخصص فى صناعة السفن، تم نقلهم من دار الصناعة بمصر.
بالإضافة لقيامه بجهود كبيرة فى العمارة والبناء فى التاريخ الإسلامى فقام ببناء الكعبة الشريفة، وبناء مسجد قبة الصخرة، والتى رصد لبنائها خراج مصر لسبع سنين بالإضافة لبناء مدينتى واسط فى العراق وتونس فى الشمال الافريقى. كماقام عبد الملك بإسهامات تنظيمية فى النظام القضائي، فهو أول من إفرد للمظالم يومًا.
كان عبد الملك ولى على مصر أخاه عبد العزيز بن مروان، ولم تقتصر مسؤولية عبد العزيز الإدارية على مصر فقط، بل امتدت إلى إفريقيا أيضًا، وأصبح المسئول عن إدارة إفريقيا.
كان عبد الملك بن مروان عاقلا لبيبًا، وعالمًا أديبًا، وكان شاعرًا وخطيبًا متمكنًا، وكان من عادة عبد الملك أن يحمل خيزرانة فى يده وكان يقول.. «لو ألقيت الخيزرانة من يدى لذهب نصف كلامى.
كان لعبد الملك بن مروان دور كبير فى تعميم الإعجام فى المصاحف، حيث أمر الحجاج بن يوسف الثقفى والى العراق أن يضع علاجًا لمشكلة تفشى العجمة، وكثرة التصحيف، فاختار كلا من نصر بن عاصم، ويحيى بن يَعْمَر لهذه المهمة، وبعد البحث والتروي، قررا إحياء نقط الإعجام.
وبعد هذه الانجازات الخالده فى تاريخ الحضارة الاسلامية توفى عبد الملك بن مروان فى دمشق عن عمر ناهز ستين عاما.