الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 2

لغة الجينات 2

فيه مثل شعبى مصرى بيقول :«العرق يمد لسابع جد» عبقرية المثل ده إنه بيلخص فكرة الظاهر والباطن وأهمية «الجينات» فى سلوكنا وحياتنا .



 فى الظاهر بيتقال وأنت بتنتقد سلوك شخص معين أو موقف مش عاجبك ، وفى الباطن المثل يؤكد أهمية ما تلعبه «الجينات الوراثية» فى حياة كل إنسان، ليس فقط فى المظهر الخارجى ولكن فى كل تفصيلة من تفاصيل حياته وسلوكه.

 «الجينات الأصلية» هى اللى هتنقذنا جميعا فى يوم من الأيام ،لأن أهم ما يميز الجينات الأصلية أنها حتى لو اختفت لفترة ما لأى سبب من الأسباب .. وقت الخطر والجد بتظهر الجينات الأصلية للبنى آدم .. وفى الوقت نفسه لما بيشتد الخطر  بتظهر كمان الجينات المزيفة أو المغشوشة والمزورة.

«يحيى شاهين» واحد من المصريين اللى امتلكو جينات أصلية وأصيلة ،فى الظاهر كان «سى السيد» الشخصية الأشهر فى المشوار الفنى للفنان الراحل، والتى قدمها فى ثلاثية الأديب العالمى نجيب محفوظ «بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية» التى أخرجها حسن الإمام، وعرفت تلك الشخصية بتسلطها وديكتاتوريتها على المرأة والأسرة...وفى الباطن الجينات الأصلية كانت مختلفة تماما عند «سى السيد».

فى الظاهر ربط الكثير من الجمهور بين شخصية «يحيى شاهين «الحقيقية، وشخصية «سى السيد»، ولكن فى الباطن الجينات الأصلية للفنان الراحل لم تحمل أى صفة من صفات الديكتاتورية ولا التسلط  فى حياته الخاصة، بالعكس  فى الباطن عانى الأمرين وعاش مقهورا من زوجته الأولى «مجرية الجنسية»، وتسببت له فى إحباط ويأس واكتئاب وأمراض كادت تنهى حياته كلها .

فى الظاهر عاش يحيى شاهين كرمز للرجل الشرقى القوى وفى الباطن تسبب هروب زوجته الأولى ومعها ابنتيه بعد 6 سنوات زواح ، فى أزمة نفسية واكتئاب وحزن وعزلة لمدة عامين. فى الوقت ده لولا الجينات الأصلية ليحيى شاهين ماكانش قدر يتخطى المحنة دى ويواصل حياته ويرجع يتجوز ويعيش .

فى الظاهر فضل الناس يشوفوه الراجل اللى عايش بوشين الأول قاس ومتجبر فى البيت مع مراته وأولاده والثانى فى الخارج راجل بتاع هلس وسهر وسكر وعربدة.

وفى الباطن بعد جوازه للمرة التانية كان شخصا حنونا وعطوفا لا يتناول طعامه قبل أن يتأكد أن زوجته وابنته شبعا من الأكل . فى الظاهر كان راجل عايش لنفسه وبس،وفى الباطن شديد الاهتمام بأسرته و إلى أقصى درجة ويخاف عليهم  إلى حد الجنون حريص على السفر معهم شهرا كل سنة خارج مصر . فى الظاهر «سى السيد» كان راجل بيسكر وعربيد ..وفى الباطن جيناته الأصلية أخدته فى طريق الصوفية .. حريص على عمل عمرة كل سنة .. وقبل وفاته بيوم واحد أخبره أحد أصدقائه الذى لم يكن على تواصل معه كثيراً أنه رأى فى المنام  شخصا يمشى فى طريق وحوله ناس كتير ويشيرون عليه ويقولون إنه النبى سليمان وعندما اقترب لرؤيته وجده صديقه القديم يحيى شاهين .

«شاهين»لم يستطع فهم الحلم ولا تفسيره ، فاتصل بالشيخ «محمد متولى الشعراوى» وسأله عن الحلم والذى أخبره بأنها رؤية خير ما دام بها أحد الأنبياء... وتانى يوم توفى الفنان الكبير فى هدوء. ألم أقل لكم من البداية إن يحيى شاهين كان يحمل جينات مصرية أصلية.. وأن  الجينات الأصلية  هى التى تنقذنا دائما، وستنقذنا وقت الخطر.

باختصار شديد، الجينات الأصلية هى التى ستحميك وتنقذك.. وهى كمان اللى هتنقذ  الجبهة الداخلية وقت الجد.. هى حائط الصد الأول والأقوى لأى معركة قادمة مهما كانت شرسة.. فالحرب على الجبهة الداخلية أشرس بكثير من الحرب على الجبهة الخارجية، لأن العدو فى الجبهة الداخلية  يحمل جينات مزيفة، خائن مستتر يعيش بيننا ويطعننا من الخلف بينما فى الجبهة الخارجية العدو واضح وصريح.