
أ.د. رضا عوض
موسى بن نصير (19 هـ/640 م - 97 هـ/716 م)
أبوعبدالرحمن موسى بن نصير قائد عسكرى فى عصر الدولة الأموية. شارك موسى فى فتح قبرص فى عهد الخليفة معاوية بن أبى سفيان، ثم أصبح واليًا على إفريقية من قبل الخليفة الوليد بن عبدالملك، واستطاع ببراعة عسكرية أن ينهى نزاعات البربر المتوالية للخروج على حكم الأمويين، كما أمر بفتح شبه الجزيرة الأيبيرية، وهو الغزو الذى أسقط حكم مملكة القوط فى هسبانيا.
ولد موسى فى عام 19 هـ. وفى عهد معاوية بن أبى سفيان، تولى موسى قيادة غزو قبرص. وفى عام 73 هـ، نقل عبد الملك بن مروان أخيه بشر من قيادة جند مصر إلى البصرة، وعينه واليًا عليها. فأخذ بشر موسى معه لمعاونته، وعينه على خراج البصرة. ولما ولى الحجاج البصرة، اتهم موسى باختلاس أموال خراج البصرة، فغضب عليه الخليفة عبدالملك بن مروان وأغرمه، ولم ينقذه من هذا الاتهام سوى عبدالعزيز بن مروان، الذى تحمّل نصف الغرامة المالية، وأخذه معه لولايته فى مصر. بعد أن لحق بعبد العزيز بن مروان فى مصر، وجهه عبدالعزيز عام 84 هـ بحملة على برقة، فغنم منها وسبى. ثم ولى عبدالعزيز بن مروان والى مصر موسى بن نصير على إفريقية خلفًا لحسان بن النعمان عام 78 هـ فى خلافة الوليد بن عبد الملك, استطاع موسى أن يخمد ثورات البربر المتعاقبة، ويعيد فتح المناطق التى كان البربر قد انتزعوها من المسلمين بعد فتحها أول مرة، وبعث بالغنائم إلى عبدالعزيز الذى بعثها بدوره إلى الخليفة عبدالملك بن مروان، فسكن غضب عبد الملك على موسى. وقد اهتم موسى بنشر الإسلام بين البربر ومسالمتهم واستمالة رءوسهم، ليضمن ألا ينزعوا للثورة مجددًا، فانضم إلى جيشه الآلاف منهم بعد إسلامهم.
ونظرًا للجوء البيزنطيين للغزوات البحرية بعد أن خسروا معاركهم البرية، شرع موسى فى بناء دار صناعة قرب أطلال قرطاجنة لبناء أسطول قوى لحماية الثغور. وفى عام 89 هـ، وجه موسى ابنه عبدالله لغزو جزر البليار، فافتتح ميورقة ومنورقة، كما أرسل حملات لغزو سردانية وصقلية، عادت محملة بالغنائم. كما استطاع فتح طنجة، ولم يبق بذلك فى المغرب الأقصى سوى سبتة التى كانت تحت حكم يوليان القوطي.
وفى عام 90 هـ، راسل الكونت يوليان موسى بن نصير وقيل قائده فى طنجة طارق بن زياد يدعو المسلمين لغزو الأندلس، لعداوة بينه وبين رودريك ملك القوط. فكتب موسى للوليد يخبره بدعوة يوليان، فأمره باختبارها بالسرايا، ولا يغرر بالمسلمين بخوض بحر شديد الأهوال. إلا أن موسى طمأنه بأنه ليس بحرًا وإنما خليج، فرد الوليد بأنه وإن كان خليجًا اختبره بالسرايا. فأرسل موسى فى رمضان 91 هـ سرية من 400 مقاتل ومائة فارس بقيادة طريف بن مالك، فنزلوا جزيرة سميت بعد ذلك بجزيرة طريف، أصابت مغانم كثيرة.
عندئذ، جهز موسى جيشًا من 7,000 مقاتل معظمه من البربر وولى قيادته طارق بن زياد، وأمره بالعبور للأندلس عام 92 هـ. فجاز طارق بجنوده فى 5 رجب 92 هـ إلى موضع الجبل الذى ينسب إليه اليوم. وحين بلغ رودريك خبر جيش طارق جمع جيشًا عظيمًا بلغ نحو مائة ألف مقاتل، وزحف به من عاصمته طليطلة. وحين بلغ طارق خبر حجم حشود رودريك، استمد موسى فأمده بخمسة آلاف مقاتل، ليصبح جيشه 12,000 مقاتل. والتقى الجيشان فى 28 رمضان 92 هـ/17 يوليو 711 م قرب شذونة جنوب بحيرة خندة عند وادى لكة، فهزم المسلمون جيش رودريك، وفر رودريك ولم يظهر مرة أخرى. ثم استولى على قرطبة، وأرسل مجموعات أخرى إلى إلبيرة ورية، وتوجه هو بباقى الجيش إلى طليطلة.
أرسل طارق إلى موسى يُعلمه بالفتح. فأرسل موسى إلى الوليد بن عبد الملك يبشره، وإلى طارق يأمره بأن لا يستكمل الفتح ويبقى بقرطبة حتى يلحق به. ثم استخلف موسى ابنه عبدالله على القيروان، وعبر إلى الأندلس فى رجب 93 هـ. بعد نزوله الأندلس، سلك موسى طريقًا غير الذى سلكه طارق، وافتتح مدن شذونة وقرمونة وإشبيلية وباجة وماردة. ثم ثار أهل إشبيلية على حاميتها من المسلمين وقتلوهم، فأرسل لهم موسى ولده عبد العزيز فأعاد فتحها، . ثم سار موسى يريد دخول طليطلة، فلقيه طارق فى طلبيرة، ثم سارا معًا إلى طليطلة، ثم أرسل من افتتح سرقسطة ومدنها.