الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 6

لغة الجينات 6

النجاح مش صدفة ولا الحرب على الناجحين صدفة.. فى الظاهر الناس بتقول على الناجح محظوظ.. لكن فى الباطن جينات الإصرار والجرأة، والاستمرار فى طريقك مهما كانت الحرب ضدك شرسة، هى سر نجاحك.



في ناس تمتلك جينات أصلية لا تعرف التردد فى اتخاذ القرار.. فى مواجهة أى موقف مهما بلغت صعوبته، ومهما اتحاربوا بيفضلوا صامدين للنهاية.

الناس اللى من النوع ده، الجينات الأصلية، بتدفعهم دفعًا لعدم التوقف عن محاولة التقدم والتطور، وتقديم أفكار مميزة تفيد البلد، جيناتهم الأصلية بتدفعهم لعدم الاستسلام لليأس والإحباط اللى بيحاول فرضها عليهم أصحاب الجينات المزيفة. فيه ناس موهوبة أفكارها فى الظاهر بتكون بسيطة ومن شدة سلاستها ممكن تترفض ويراها عديمو الموهبة بدون فائدة.. لكن فى الباطن الأفكار دى بتعيش وتستمر وبتكون علامة واضحة.. وبتفتح أبواب رزق لناس تانية خالص يمكن عمرهم حتى ما اتقابلوا ولا يعرفوا بعض.

جينات الإصرار على النجاح ورثها الرائع الراحل «نجيب الريحانى» من والدته المصرية.. الجينات دى هى اللى خلته يقدم استقالته من وظيفة محترمة فى شركة السكر بنجع حمادى والمملوكة لطلعت حرب باشا وقتها، وظيفة بياخد فيها 6 جنيهات كاملة يتركهم ليعمل فى الفن الذى يحبه فيتقاضى 6 قروش فى الليلة.

 فى الظاهر نجيب الريحانى كان شخصا كوميديا بيضحك طوب الأرض، مشهور وناجح، ويمتلك الدنيا وما فيها... لكن فى الباطن عانى الأمرين من أعداء النجاح والدنيا كلها كانت واقفة ضده ولدرجة أن حتى مذكراته تم تزييفها وظهر فيها «ذئب بشرى.. زير نساء».

الجينات الأصلية التى امتلكها الريحانى هى اللى ساعدته دايما أنه ينتصر على اليأس ويصر على النجاح.. ففى الظاهر كان زوجا سعيدا لراقصة مصر الأولى وقتها بديعة مصابنى.. لكن فى الباطن حاولت بديعة دائما فرض سيطرتها وسلطتها عليه... وكانت تتهمه بالفشل وأنه كسول ولا يصلح لشىء.

فى الظاهر كان «الرِّيحانى» بجيناته الأصلية يصنع تاريخا من الكوميديا وأول من قدم مسرحا مصريا خالصا تشم فيه رائحة الشارع وأولاد البلد.. لكن فى الباطن المؤسسات الرسمية فى الدولة كانت بتحاربه، فلم يجد إلا التعنت والهجوم والتسخيف من كل ما يقدمه ومحاولات النيل منه شخصيا ومن أفكاره لم تتوقف لحظة واحدة، وظلت جيناته الأصلية هى حائط الصد الوحيد لكل ما يحاك ضده، فمع كل هجوم كان يصر أكثر وأكثر على النجاح.

فى الظاهر كان على القمة والكل يذهب إلى مسرحه ليسهر ويضحك ويعود إلى بيته سعيدا.. لكن فى الباطن كانت المؤامرات تحاك ضده والنقاد يكتبون أن ما يقدمه ليس فنا.. واعتبروا أن مسرح الريحانى هزلى هادم للأخلاق وأركان الدين.. ولم يتوقف الهجوم ضدّه حتى بعد وفاته.

الهجوم على الريحانى استمر حتى فى قصة وفاته وزى ما مذكراته تم تزييفها، فى الظاهر قالوا مات من مرض التيفود.. وفى الباطن كان السبب حقنة خطأ من ممرضة مهملة فى المستشفى هى السبب فى وفاته.

فى الظاهر كان يعيش سعيدا، شهرته أعطته الفلوس التى يحلم بها أى إنسان.. وفى الباطن لا يستطيع الاعتراف بابنته الوحيدة لأن أمها ألمانية وهتلر يمنع زواج الألمانيات من الجنسيات الأخرى.

مذكرات الريحانى الأصلية والتى كتبها بنفسه تلخص الظاهر والباطن الذى عاش فيه طول عمره ففى هذه المذكرات يقول: «جربتُ الفقر مع الصحة، ثم جربت المرض مع النعمة، وخرجت من هذه التجارب بأن الدنيا كلها (طُظ).... صحة تستطيع أن تهضم الفول المدمس أفضل، فالمال كله خرافة أمام معدة لا تستطيع أن تهضم الديوك الرومي». فى الظاهر كان الريحانى يبدو أنه يعيش حياته بالطول والعرض.. لكن فى الباطن جيناته الأصلية دفعته قبل 15 يومًا فقط من وفاته، أن يكتب نعيه بنفسه ويضعه تحت مخدته فى المستشفى قائلاً: «مات الرجل الذى اشتكى منه طوب الأرض وطوب السماء، إذا كان للسماء طوب، مات نجيب الذى لا يعجبه العجب ولا الصيام فى رجب، مات الرجل الذى لا يعرف إلا الصراحة فى زمن النفاق، ولم يعرف إلا البحبوحة فى زمن البخل والشح، مات الريحانى فى ستين ألف سلامة».

ألم أقل لك أن النجاح مش صدفة.. وأن الجينات الأصلية المليئة بالإصرار والموهبة التى يمتلكها البعض هى القادرة على مواجهة كل الحروب والمؤامرات التى تحاك ضدك. ألم أقل لك أن الإصرار والعزم، وحدهما الدافعان نحو النجاح... والناجحون عادة ما يواجهون العقبات، والضربات القوية، لكنهم بالمثابرة والمداومة والإصرار فهم حتماً سيحققون الانتصار.