الجمعة 19 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأستاذ هيكل ونشرات الأخبار!

الأستاذ هيكل ونشرات الأخبار!

استمتعت بقراءة كتاب الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى صدر منذ أسابيع بعنوان «اليومات» وضم مقالاته خلال أعوام 1955 و1956 و1957 فى الصفحة الأخيرة من أخبار اليوم قبل انتقاله للأهرام.



متعة رائعة أن تقرأ للأستاذ هيكل بعيدا عن السياسة وهمومها وتعقيداتها، فهذه اليوميات استراح فيها هيكل من وجع دماغ السياسة لينطلق بقلمه الساحر والرشيق إلى مشاهداته السينمائية ومتابعته للإذاعة وبرامجها باهتمام المثقف الواعى.

ولا يفوت الأستاذ هيكل أن ينتقد أداء بعض المذيعين فيكتب: مذيع محطة القاهرة البليغ الفصيح الذى قرأ فى نشرة الأخبار اسم جولدا مايرسون وقال إنه وزير العمل فى إسرائيل مطلوب منه أن يعرف أن جودا مايرسون سيدة وليست رجلا وأنها وزيرة وليست وزيرا.

عرفنا أن سيدة تحولت إلى رجل ولكن ذلك احتاج إلى عملية جراحية مذيع محطة القاهرة البليغ الفصيح صنع المعجزة من غير حاجة إلى مشرط الجراح لسانه كفى!!

وفى مقال آخر عنوانه البحث عن حلول يقول: أليس هناك حلا للأساتذة مذيعى نشرة الأخبار فى محطة الإذاعة المصرية؟! استمعوا نموذجا اضطررت بعد أن أدير مفتاح الراديو وأيأس من سماع نشرة الأخبار لأنى لا أريد أن أتحول من متابعة ما تحويه من أنباء إلى إحصاء أخطاء مذيع النشرة بالتحديد هى نشرة ظهر يوم الثلاثاء الماضى وفى أول دقيقة من النشرة أحصيت ثلاثة أخطاء للمذيع!

أولها نطقه اسم مصر بفتح الميم! وثانيها قوله إن «كابوت لودج» هو مندوب أمريكا الدائم فى الأمم المتحدة وثالثهما ذكره لاسم جولدا مائير على أنها وزيرة خارجية إسرائيل والدنيا كلها تعرف أن جولدا امرأة ولكن مذيع محطة الإذاعة قلبها رجلا من غير عملية جراحية!

ويواصل الأستاذ هيكل نقده لأخطاء المذيعين فيكتب: ترى متى يعلم الذين يذيعون فى الراديو ويكتبون فى الصحف أنه ليس هناك شىء اسمه «هيئة الأمم المتحدة» وإنما هناك شىء اسمه الأمم المتحدة لقد تم تغيير فى اسم الأمم المتحدة منذ ما يقرب من خمس سنوات ثم بقرار أصدرته الجمعية العامة لها وحذفت فيه كلمة «هيئة» من مقدمة اسمها واكتفت بأن جعلته الأمم المتحدة ولكن الذين يذيعون والذى يكتبون فى مصر لا يعترفون بهذا القرار، مسكينة هذه الأمم المتحدة فى قراراتها أن نكتبها ليست فقط فى الذين لا يعترفون بقراراتها فى فلسطين وإنما تتعدى هذه أيضا إلى الذين لا يعترفون بقرارها فى تسمية نفسها!!

وعندما وقع العدوان الثلاثى على مصر أواخر عام 1956 يكتب الأستاذ هيكل مناشدا الإذاعة: أطالب باختصار النشيد الذى يسبق نشرة الأخبار فى الإذاعة المصرية إلى نصفه، إن النغمة الرئيسية فى هذا اللحن المميز الذى يسبق نشرة الأخبار تتكرر مرتين دن داع أو مقتضى فى وقت تكون لهفة الناس فيه ملحة إلى سماع ما تحويه النشرة من أنباء!!

أطالب بأن ترفع من شوارع القاهرة هذه الإعلانات التى تطلب من الناس ألا يستمعوا إلى إذاعات الأعداء.. على شرط واحد: ألا ينسوا أبدا أن ذلك الصوت الذى يسمعونه هو صوت العدو..

وينتقد الأستاذ هيكل طريقة بعض المذيعين فى قراءة البيانات الرسمية بطريقة تمثيلية فيقول: الأخبار ينبغى أن تقدم كما هى من غير أى محاولة دراماتيكية مصنوعة للتأثير على السامع أو على القارئ.

ويقول الأستاذ هيكل ليس بينى وبين الإذاعة ثأر قديم أو جديد وليست بيننا علاقة وثيقة، وربما كانت نشرة الأخبار هى الشىء الوحيد الذى أتابعه بانتظام فى برامج الإذاعة المصرية.

وما أكثر حكايات هيكل المدهشة والممتعة!! وللحكاية بقية!