الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 لغة الجينات 8

لغة الجينات 8

الأزمات بتكشف جينات الناس، فى الظاهر  بتعمل فرز طبيعى وواضح للبشر، وفى الباطن  بتخليك تعرف الفرق بين الناس اللى جواها جينات أصلية .. والناس اللى جيناتها مزيفة.. أصعب ما فى التجربة الحياتية التى نعيشها فى هذه المرحلة أن نستمر زى ما احنا ،مانتغيرش ،لا نخاف  ولا نتهور ونحسب حسابات غلط تغير مصيرنا كله.



 فى الظاهر عايشين  تجربة فى منتهى القسوة ،ممكن ببساطة تخليك تتخلى  عن كل مبادئك، تلغى تاريخك، تحولك من شجاع لجبان أو متهور، لكن فى الباطن من يمتلكون  جينات الصدق والصراحة شايفينها تجربة أقل من العادية.

فيه مصريين جينات الصدق والصراحة والتصالح مع نفسهم والتمسك بعزتهم وكرامتهم هى كل حياتهم ، بيتوارثوها جيلا بعد جيل... فى الظاهر صعدوا لقمة النجاح بسهولة.. لكن فى الباطن جينات صدقهم وصراحتهم وتصالحهم مع نفسهم كانت هى السر فى النجاح الذى جاء على درجات ورفض تام للصعود للقمة عبر أخطاء الآخرين.

«كمال الشناوى «واحد ممن امتلكوا جينات الصدق والصراحة فى الظاهر شاب وسيم ممكن يخدع أى بنت ويتخلى عنها بسهولة ..وفى الباطن مجتهد صبور بيرفض ينجح على حساب غيره ..الفنانة ماجدة بتتصل بيه علشان يمثل أمامها فى فيلم المراهقات بدلا من رشدى أباظة.

كمال الشناوى رد عليها بتلقائية :»أيوا بس عارف أنكم صورتم عددا كبيرا من مشاهد «المراهقات».

- هانعيد كل المشاهد اللى صورها رشدى تانى.. أنا مش ممكن اشتغل مع الراجل ده... ده مش ملتزم، وهايخرب بيتى، أنا خلصت الميزانية كلها قبل ما أخلص تلت الفيلم.

* أنا مقدر طبعا موقفك... بس صدقينى مش هاينفع... ماينفعش يبقى رشدى صور.. وأدخل اشتغل مكانه..آسف رشدى صديقى وماقدرش أعمل كده مع صديق.

جينات الصدق والصراحة والشرف عند كمال الشناوى كانت أقوى من أنه  ينجح على حساب غيره.. وظاهريا يقول ماليش دعوة.. أو ما أعرفش أن رشدى بدأ التصوير.. كمال الشناوى لم يكتف بالرفض.. كمان فى الباطن حرص على البحث عن رشدى أباظة ، ودبر لقاء بينه وبين ماجدة، واستطاع بالفعل أن يزيل سوء التفاهم بينهما، ليعود رشدى ويستأنف تصوير «المراهقات».

كمال الشناوى فى الظاهر مالوش علاقة بالسياسة .. فنان موهوب بعيد كل البعد عن الشللية.. لكن فى الباطن لم يتردد لحظة فى رفض تكريم الرئيس الأسبق مبارك له .

ظاهريا بعد أن نجح كمال الشناوى فى تقديم صورة «كاريكاتورية» للوزير من خلال فيلم الواد محروس بتاع الوزير، تنبهت الدولة أخيرا، وبعد أكثر من خمسة عشر عاما من حكم الرئيس مبارك، أن هناك قوة ناعمة اسمها «الفن» ولها دور مهم، وتستطيع أن تؤثر فى المجتمع، لكن فى الباطن قرار الرئيس مبارك بتكريم مجموعة من الفنانين على رأسهم النجمان الكبيران فاتن حمامة وكمال الشناوى، جاء ليكون هو راعى الفنون والآداب . المفاجأة التى لم يتوقعها أحد، حتى أقرب المقربين له، أن كمال الشناوى رفض هذا التكريم، جينات الصدق والصراحة مع النفس قفزت بسرعة وقرر  رفض التكريم.. ما أثار دهشة الجميع، وسألوه إزاى ترفض تكريم رئيس الدولة يا كمال؟

قال: «أولا أنا من حقى أرفض أى جهة تكرمنى... حتى لو كان رئيس الجمهورية... بعد إيه جاى يكرمنا ؟.... دلوقت جاى يفكر فى الفن والفنانين ... علشان يطلع اللى حواليه يقولوا عنه إنه رائد الفن وأنه بيحافظ على الفنانين ويتصور وهو بيدينا درع.

فى الظاهر يبدو تصرف كمال الشناوى تهورا شديدا .. لكن فى الباطن كان بيعبر عن شخصيته وجيناته الأصلية.. نفس الجينات اللى خلته يعتذر لأنور وجدى ويبكى بعد أن قال عنه إنه فتى أول بكرش.. وذلك ردا على تصريح أنور وجدى بأن كمال الشناوى مش موهوب ولن يستمر طويلا... وبعدها التقى أنور وجدى وعرف أن الكرش بسبب مرض وراثى.

فى الظاهر كان كمال الشناوى شخصا بسيطا وسيما عايش حياته بيمثل ويغنى  ومافيش حاجة تانية بتشغله .. لكن فى الباطن كانت جيناته الأصلية  تعطيه قدرة غير عادية  على الانضباط و القراءة الصحيحة للحياة الفنية، فهو لا يبالغ فى قيمة ما يقدمه للناس، وأيضا لا يبخس حق نفسه؛ لا يسهر سوى يوم واحد فى الأسبوع، وينام بين الحين والآخر على لوح خشبى تجنبا للانزلاق الغضروفى، ويصحو يوميا لممارسة رياضة المشى.

ألم أقل لكم إن جينات الصدق والشرف والصراحة هى الباقية .. هى التى تمنع من يملكوها من النجاح على حساب الغير.. سرقة نجاح ناس تانية ونسبها لأنفسهم هى التى تعطى القوة لقول «لا» فى الوقت المناسب ... هى الشعرة التى تفصل ما بين الشجاعة فى قول رأيك بصدق والجبن من أجل مزيد من الثروة أو النفوذ.