الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 10

لغة الجينات 10

فى وقت قصير تغيرنا كثيرا.. فى الظاهر تغيرت أشياء جوهرية فى شخصياتنا.. لكن فى الباطن تبدلت مفاهيم سيطرت علينا عمرا طويلا.. خرجت جيناتنا  للنور معلنة عن نفسها.. ظل أصحاب  الجينات الأصلية  قادرون على مساعدة الغير وفتح الطريق أمام الناس حتى لو التقوهم بشكل عابر.



فى الظاهر أصحاب الجينات الأصلية يساعدون ويقدمون الخير لكل من يلتقوهم دون مقابل.. لكن فى الباطن يشعرون بفرحة كبيرة.. يحصلون على حقهم راحة بال وطمأنينة وسعادة لاتوصف..فهم جسر أمل وواسطة خير لكل الناس .

أعظم جينات أصلية يمكن أن يمتلكها إنسان هى جينات حب الخير ومساعدة الناس خاصة لو لم يعرفوا شيئا عمن يساعدهم.. وأسوأ جينات هى الندالة والخسة والرضوخ والذل .

الجينات الأصلية توفر لنا حياة كريمة وأصالة ورصانة وعزة وكرامة..وسيرة باقية فالسيرة أطول عمرا.. والجينات الخبيثة تمنح أصحابها  هَوانا و حَقارَةٌ ووَضَاعَةٌ.

«أبوالسعود الإبيارى « واحد ممن امتلكوا جينات حب الخير ومساعدة الناس.. فى الظاهر طاردته «الشلة» ممن يمتلكون جينات الخسة والرضوخ والذل.. حاولوا كثيرا إدخاله فى زمرة «المطبلاتية» وحملة المباخر..قدموا له مالايعد ولايحصى من إغراءات...وفى الباطن وكالعادة بدأت حرب التضييق..مافيش شغل.. تأميم مسرحه.. تجاهل تام لموهبته الفذة والتى تضعه فى مصاف  موليير والعقاد وطه حسين وحتى شكسبير بتراجيدياته المؤثرة.. لكن الرجل ظل صامدا لآخر يوم فى عمره.. جيناته الأصلية دفعته دفعا نحو الاستمرار فى طريقه الصحيح مضحيا بكل شىء فى سبيل مبادئه.

«منجم الدهب.. صانع البهجة والنجوم الوقور» لاقى الأمرين بداية عام 1961 عندما اقتحم تيار «المطبلاتية» المجال الثقافى والفنى، بمساندة كبيرة من عدة جهات فى محاولة  احتكار متكاملة للذهن والمزاج  المصرى..  فى الظاهر كان الهدف ضمه إليهم وفى الباطن يريدوه موظفا ينتظر التعليمات..يكتب مايملى عليه .

 فى الظاهر تقبلوا رفضه.. جيناتهم الخبيثة لم  تستطع اتهامه بشىء فالرجل كتب سلسلة أفلام إسماعيل يس الوطنية فلن يصدقهم أحد..وفى الباطن رسموا خطة تأميم مسرحه الذى بناه طوبة طوبة مع إسماعيل يس بحجة أن المسرح مبنى على أرض يملكها إيطالى..أمموا الأرض وما عليها .

فى الظاهر بدت  قراراتهم فى صالح البلد وفى الباطن كانت وسيلة ضغط أخرى لإدخال صانع النجوم الأشهر إلى حظيرة «التطبيل» واستكملوا الخطة بفرض حصار عليه فى السينما، ليبقى الرجل الذى كتب مئات الأفلام  ومئات الأغانى والأوبريتات ومئات  المسرحيات  بلاعمل.

«الجينات الأصلية» لصانع البهجة لم تستسلم.. فضل البقاء بالبيت على أن يخون تاريخه الكبير والذى يقينى  أنه لو ظهر فى بلد آخر لصنعوا له التماثيل فى الميادين وأطلقوا اسمه على أهم شوارعهم.. 

وفى المقابل ظل أيضا أصحاب الجينات والأيادى الخبيثة تطارده.. قاموا فى التليفزيون بمسح 41 مسرحية من تأليفه عمدا.. واتهموا موظفا صغيرا بأنه قام بالتسجيل على الشرائط بالخطأ.. 123 شريطا، لأن كل مسرحية لها 3 شرائط، يتم مسحهم بالخطأ!!

«أصحاب الجينات والأيادى الخبيثة «امتد عملهم دائما فهم يسلمون الراية جيلا بعد جيل.. فبعد سنوات طويلة  فى الظاهر  أعلنوا تكريمه فى مهرجان للسينما.. وفى الباطن عبثت الخفافيش كعادتها، وأسقط اسمه ليلة التكريم!!!

«مطاردة موليير الشرق» من أصحاب جينات الذل والهوان.. امتدت لبعد وفاته فمسرح ميامى  نفسه والذى كان سينما صيفية اسمها سينما ميامى الصيفى، وصنع منها مع إسماعيل يس مسرحهما  العظيم.. وبعد سنوات طويلة من القرار التأميمى الجائر.. أرادوا فى الظاهر خلق حالة مسرحية فأعادوه للحياة ولكنهم كعادتهم فى العبث وتلويث كل ما هو جميل.. أطلقوا عليه اسم فؤاد المهندس.

فى الظاهر اختاروا الاسم تكريما للعملاق الكبير.. وفى الباطن كان ورثة أصحاب جينات الهوان يواصلون الانتقام من رفض «الإبيارى» الدخول فى حظيرتهم المفضلة «التطبيل»

صانع البهجة الوقوركان ابن بلد يعرف الأصول، كتب أغنية البوسطجية اشتكوا ليسلف صديقه حسن الإمام فلوس كان يحتاجها.. رفض الاحتكار الذى فرضه عليه أنور وجدى عندما عرض عليه مبلغا خرافيا بشرط أن يكتب له وحده...ظل وفيا لأصدقائه ولفنه.. يكتب للجميع وينشر بهجته ويقدم ثقافته وعلمه للجميع.. فجيناته الأصلية ترفض الاحتكار .

ذهب حملة المباخر والمطبلاتية لم يعرفهم أحد.. وظل «الإبيارى» صرح من صروح الإبداع..تأثيره فى الوعى العام وتهذيب السلوك وتنوير الوجدان لايستطيع أحد إنكاره.

تمسك بمبادئك فالمحنة تطهرك.. تصقل جيناتك الأصلية وتعلنها للناس.. تمسك  بمساعدة الغير وكن مخلصا لموهبتك.. لاتستسلم لحملة المباخر والمطبلاتية.. فما أعطاه الله لك من جينات أصلية وموهبة  سيوفر لك  حياة أطول وأكثر كرامة .

تمسك بالفضل الكبير الذى منحه الله لك.. ألا تظلم أحدا ولا تجرح أحدا ولاترى نفسك فوق أحد.. تمسك بالموقف الشريف والقدرة على إنارة طريق الناس ومساعدتهم.. مهما كانت التكلفة.