الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
أسيد بن الحضير.. الصحابى الذى استمعت الملائكة لتلاوته

أسيد بن الحضير.. الصحابى الذى استمعت الملائكة لتلاوته

أسيد بن الحضير بن سماك الأنصارى الأشهلى، من الأوس، أحد نقباء ليلة العقبة  من السابقين إلى الإسلام، أسلم قبل هجرة النبى صلى الله عليه وسلم على يد مسلم بن عمير، وذلك عندما انصرف الأنصار من البيعة مع رسول بعث معهم رسول الله مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم فى الدين، وكان مصعب يُسمَّى بالمدينة المقرئ، وكان منزله على أسعد بن زرارة، ثم أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب فدخل به حائطًا من حوائط بنى ظفر، فجلسا فى الحائط واجتمع إليهما رجال ممن أسلم.



وكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدى قومهما من بنى عبدالأشهل، وهما مشركان، فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إلى مصعب وأسعد وهما جالسان فى الحائط، ثم رَكَز حربته وجلس إليهما، فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن، فقالا: والله لقد عرفنا فى وجهه الإسلام قبل أن يتكلم به فى إشراقه وتسهله، ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا فى هذا الدين؟ قالا له: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي. فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق، ثم قام فركع ركعتين ولما هاجر الناس آخى النبى بينه وبين زيد بن حارثة، وهو من الذين أثنى عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال (نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أسيد بن الحضير) ودخل الشام مع عمر فى فتح بيت المقدس وأثنت عليه أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها، ويكنى أبا يحيى، وكان أبوبكر الصديق رضى الله عنه يكرمه ولا يقدم عليه واحد ويقول إنه لا خلاف عنده.

وشهد العقبة الثانية وكان نقيبا لبنى الأشهل، وقيل إنه شهد غزوة بدر وأحد وما بعدهما من المشاهد، وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن وأحد العقلاء وأصحاب الرأى السديد، وله فى بيعة أبو بكر الصديق رضى الله عنه اثر عظيم، وروى عنه أنه قال (قرأت ليلة سورة البقرة وفرس لى مربوط ويحيى ابنى مضجع قريب منى وهو غلام، فجالت الفرس فقمت وليس لى هم إلا ابنى، ثم قرأت، فجالت الفرس، فقمت وليس لى هم إلا ابنى، ثم قرأت فجالت الفرس، فرفعت رأسى فاذا شيء كهيئة الظلة فى مثل المصابيح، نقيل من السماء فهالنى، فسكت، فلما أصبحت عدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال اقرأ يا أبا يحيى، فقلت قد قرأت، فجالت فقمت ليس هم لى إلا ابنى، فقال لى: اقرأ يا أبا يحيى، فقلت قد قرأت فجالت الفرس، فقال اقرأبا الحضير فقلت قد قرأت فرفعت رأسى فاذا كهيئة الظلة فيها المصابيح فهالنى، فقال: تلك الملائكة دنوا لصوتك، ولو قرأت حتى تصبح لأصبح الناس ينظرون إليهم.

عن أنس قال: جاء أسيد بن حضير إلى النبى وقد كان قسم طعامًا، فذكر له أهل بيت من الأنصار من بنى ظفر فيهم حاجة، وجُلّ أهل ذلك البيت نسوة، فقال له النبي: «تركتنا يا أسيد حتى ذهب ما فى أيدينا، فإذا سمعت بشىء قد جاءنا فاذكر لى أهل ذلك البيت». فجاءه بعد ذلك طعام من خيبر شعير أو تمر، فقسّم رسول الله فى الناس وقسم فى الأنصار فأجزل، وقسم فى أهل البيت فأجزل. فقال أسيد بن حضير متشكرًا: «جزاك الله أى نبى الله أطيب الجزاء». فقال النبى: «وأنتم معشر الأنصار، فجزاكم الله أطيب الجزاء؛ فإنكم ما علمت أعفة صُبُر، وسترون بعدى أثرة فى الأمر والقسم، فاصبروا حتى تلقونى على الحوض».

توفى رضى الله عنه سنة 20 من الهجرة، ونظر عمر فى وصيته فوجد عليه دين أربعة آلاف درهم، فقال عمر: لا أترك بنى أخى عالة. فباع ثمره أربع سنين بأربعة آلاف، كل سنة ألف درهم، وقضى دينه. ودُفن بالبقيع وحمل عمر بن الخطاب نعشه.