الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التعصب الرياضى على «السوشيال ميديا»

التعصب الرياضى على «السوشيال ميديا»

الفتنة الكروية التى يواصل إشعالها «دواعش التعصب الرياضى» على مواقع «السوشيال ميديا»، بين جماهير الأهلى والزمالك، عقب مباراة القمة الأخيرة، أو هزيمة وتعادل أى من قطبى الكرة المصرية محليًا وإفريقيًا.. تذكرنى بما كان يحدث فى قريتى الصغيرة بمحافظة الدقهلية، خلال مرحلة الطفولة، حيث كنت شاهدًا على « زفة التحفيل» بين جماهير الناديين الكبيرين، الممزوجة بالأغانى الشعبية والأهازيج الحماسية للفريق الفائز. قبل ظهور «السوشيال ميديا»، كانت «زفة السخرية»، من أبرز الطقوس الشعبية التى ينتظرها الأطفال والشباب، ثلاث مرات فى العام،» مرتان فى بطولة الدورى العام، وأخرى للكأس»، وكانت تصل فى كثير من الأحيان بأن يقوم جمهور الفريق الفائز بإلباس أحد الحيوانات «تيشيرت» النادى المهزوم، والطواف به فى شوارع القرية، وتستمر «الزفة» حتى الساعات الأولى من الصباح، للإمعان فى إذلال الجمهور المنافس، وغالبًا ما تنتهى احتفالة التعصب الكروى إلى اشتباكات بين جمهور الفريقين تمتد إلى العائلات الكبرى بالقرية.



بالطبع لم أكن سعيد بـ«زفة السخرية» لما لها من عواقب وخيمة، على الروابط الأسرية والعلاقات الاجتماعية، حيث تجاوزت السخرية متعة الانتماء الكروى إلى ترسيخ التعصب للدين والعرق واللون والجنس، بما يخالف الدستورالذى نص على عدم التمييز بين المواطنين، وكان ذلك نتاجًا لتراجع معدلات التعليم وعدم وجود وسائل ترفيهية، وغياب الهدف لدى الأطفال والشباب.

ومع زيادة الوعى لدى الشباب، تراجع التعصب تدريجيًا للأهلى والزمالك، مقابل زيادة الانتماء للمنتخب الوطنى الأكثر تتويجًا ببطولات إفريقيا، بعدما حقق ثلاث بطولات متتالية، ثم ظهرت روابط «الألتراس» التى نقلت التعصب الرياضى من القرية والمدينة إلى مدرجات الدرجة الثالثة، وحولتها إلى «كرنفالات» وأغانٍ حماسية للكيان الذى ينتمون إليه، ثم تتطور إلى سباب وهتافات تحريضية ضد الفريق المنافس.

جماعة الإخوان الإرهابية تؤمن بالمبدأ الميكافيلى «الغاية تبرر الوسيلة»، لذلك استغلت روابط « الألتراس»، وجعلتها ألعوبة فى يدها، ووظفت عناصر الروابط لتحقيق أهدافها بالتحريض ضد الدولة ومؤسساتها، حتى تم حظر أنشطتها، فاتجهت روابط «الألتراس» إلى تشكيل ميليشيات إلكترونية على مواقع «السوشيال ميديا»، لينتقل التعصب مرة أخرى من مدرجات الدرجة الثالثة إلى الفضاء الالكترونى، الذى تحول إلى إلى ساحة للتحريض والاستهزاء بالفريق المنافس، من خلال نشر «هاشتاج» أو «كوميكس» وفيديوهات تتضمن لقطات مثيرة مع تركيب أصوات لنجوم السينما أو أغانى وإفيهات كوميدية لا علاقة لها بالرياضة.

للأسف الشديد، الميليشيات الالكترونية لروابط «الألتراس» وجماعة الإخوان، أصبحت اللاعب رقم 12، على مواقع «السوشيال ميديا»، ونجحت فى تغييب الوعى لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعى، كما أن الـ«هاشتاج» و«الكوميكس» صارت مادة مثيرة للمواقع الالكترونى التى تلهث وراء التريند، دون إدراج أن ما تردده يمثل ترويجًا للفتنة وتأجيجًا لمشاعر الكراهية بين المواطنين.

علينا أن ننتبه ولا ننساق وراء مروجى الفتنة الكروية، وأن يكون انتماؤنا أولًا وأخيرًا للوطن، لتحقيق الأمن والاستقرار، وأن نتبعد عن التعصب، وألا تخرج الرياضة عن سياقها فى المتعة والتشجيع دون سخرية أو تحفيل.