
أ.د. رضا عوض
الحسن بن على بن أبى طالب
أول سبط للنبى محمد، وأوّل ولد لعلى بن أبى طالب، وفاطمة الزهراء بنت محمد، ولد فى النّصف من شهر رمضان، فى السّنة الثّالثة من الهجرة.
قيل أن أول من سماه هو رسول الله، وقد أذّن فى أذنه اليمنى، وأقام فى يسراه.
أمضى الحسن السبط مع النبى صلى الله عليه وسلم سبع سنوات من حياته، وكان يحبّه الجدّ حبّاً جمّاً، وكثيراً ما كان يحمله على كتفيه ويقول: «اللّهمَّ إنّى أُحبُّه فأحِبَّه»
ويقول: « من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني، ومن أبغضهما فقد أبغضنى».
ويقول أيضاً: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة».
ويقول أيضاً عنهما: «إبناى هذان إمامان، قاما أوقعدا»
ولِما يملكه الإمام الحسن من سمو فى التفكير، وشموخ روح، كان النبى محمد يتّخذه شاهداً على بعض عهوده، على الرّغم من صغر سنّه، وذكر الواقدي: أنّ النبى محمد عقد عهداً مع ثقيف، كتبه خالد بن سعيد، وشهد عليه الحسن والحسين.
بعد وفاة النبي شارك فى فتح شمال إفريقيا وطبرستان فى عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، ووقف مع أبيه فى موقعة الجمل ووقعة صفين وحروبه ضد الخوارج.
فترة خلافته
استلم الحكم بعد والده وكانت فترة خلافته ستة أشهر، وقيل ثمانية، وكان أول من بايع الحسن قيس بن سعد بن عبادة الأنصارى فقال: أبسط يدك على كتاب الله وسنة رسوله وقتال المخالفين، فقال الحسن: «على كتاب الله وسنة رسوله فإنهما ثابتان».
صلحه مع معاوية بن أبى سفيان
عام الجماعة
كادت أن تندلع الحرب بين الحسن ومعاوية وأنصاره من الشام؛ فقد سار الجيشان حتى التقيا فى موضع يقال له (مسكن) بناحية الأنبار؛ كان حريصًا على المسلمين وعدم تفرقهم، فتنازل عن الخلافة، لتكون الخلافة واحدة فى المسلمين جميعاً، ولإنهاء الفتنة وإراقة الدماء. وقيل كان تسليم الحسن الأمر إِلى معاوية فى ربيع الأول 41 هـ، ؛ فلما تنازل عن الخلافة أصلح الله بذلك بين الفئتين كما أخبر بذلك رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: «ابنى هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين».
وسمى العام الذى تنازل فيه الحسن عن الخلافة لمعاوية بعام الجماعة. روى عن النبى محمد أنه قال: «الخلافة فى أمتى ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك»، فكان آخر الثلاثين يوم انحرف الناس عن الحسن وبويع معاوية. وذكر ابن الأثير فى كتابه الكامل فى التاريخ، أن الحسن سلم الأمر إلى معاوية، لأنه لما راسله معاوية فى تسليم الخلافة إليه خطب فى الناس، فحمد الله وأثنى عليه وقال:Cquote2.png «إنّا والله ما يثنينا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر فشيبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم فى مسيركم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، وأما الباقى فخاذل، وأما الباكى فثائر، ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عزّ ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله عز وجل، بظُبى السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضى».
فناداه الناس من كل جانب: البقية البقية!، وأمضى الصلُح وقال البخارى فى كتاب الصلح: حدثنا عبد الله بن محمد ثنا سفيان عن أبى موسى قال: سمعت الحسن يقول: «استقبل والله الحسن بن على معاوية بن أبى سفيان بكتائب أمثال الجبال»، فقال عمروبن العاص: «إنى لأرى كتائب لا تُولى حتى تقتل أقرانها»، فقال معاوية: «إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لى بأمور الناس؟ من لى بضعفتهم؟ من لى بنسائهم»، فبعث إليه رجلين من قريش من بنى عبد شمس هما عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر، قال: «اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه»، فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له وطلبا إليه شروط الصلح.