الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المناظرات الرئاسية والمحطات الفضائية!

المناظرات الرئاسية والمحطات الفضائية!

كنت واحدًا من مئات الملايين الذين تابعوا على شاشات التليفزيون المناظرة الأولى بين المرشحين «ترامب» الرئيس المنتهية ولايته، و«جو بايدن».



لم تكن مناظرة سياسية وعرض أفكار ورؤى تليق بالرجل الذى سوف يحكم أمريكا، بل كانت أشبه بسوق خضار يتشاجر فيه باعة الخضار والفواكه مع زبائنهم بسبب ارتفاع سعر الخضار  أو الفاكهة.

الفوضى والارتجال شاهدها الملايين على الشاشات كما استمعوا إلى وصلة «الردح» المتبادل بين المرشحين وما أكثرها..

وكذلك الإهانات الشخصية التى تفنن كل مرشح فى توجيهها لمنافسه، وعلى حد وصف الأستاذ فى جامعة «ميتشيغان» المتخصص فى المناظرات الرئاسية بأن هذه المناظرة ستبقى إحدى أسوأ المناظرات فى التاريخ!!

ستون عاماً من المناظرات التليفزيونية بين المرشحين لمنصب الرئيس لم يشهدوا ما شاهدوه فى تلك المناظرة.

كانت أول مناظرة عام 1960 بين المرشح الشاب «جون كيديني» -الذى تم اغتياله بعد ذلك-  وبين المرشح «نيكسون» وشاهد المناظرة على التليفزيون حوالى سبعين مليون مشاهد!!

 وفى كتابه الممتع «الإنسان حيوان تليفزيونى» يشرح الأستاذ «محسن محمد» تأثير المناظرات التليفزيونية فى الانتخابات الرئاسية فيقول:

«لم يعد الزعماء والمرشحون يطوفون المدن والقرى بل يكتفون بالحديث أمام الشاشة الصغيرة، ولم تعد سياسة المرشح وحزبه يقرران وحدهما الفوز، الآن أصبح وجه المرشح وملابسه وحديثه وقدرته على الإقناع بل وأسرته أيضًا تقرر - بالإضافة إلى السياسة - مدى استجابة الجمهور للمرشح، وأصبح التليفزيون أهم عامل يؤثر فى الحملة الانتخابية!!

أدى التليفزيون إلى تغيير سياسى جذرى حتى قيل إن الإنسان لا يرشح نفسه فى ا

لانتخابات بل يعرض نفسه فى التليفزيون ليفوز أو ليسقط!! ويضرب الأستاذ «محسن محمد» مثالاً بما جرى مع مارجريت تاتشر «رئيس الوزراء البريطانية فيقول: فى الأحاديث واللقاءات الستة الكبرى التى ظهرت فيها «تاتشر» على شاشة التليفزيون كانت شخصيتها القوية فى أحسن حالاتها، ولم يكن بين المذيعين أو مقدمى البرامج أو الشخصيات السياسية من يستطيع وضعها فى موقع الدفاع بل كانت تطيح بمن أمامها كإعصار!!

سئلت فى أحد البرامج التليفزيونية عما إذا كانت على استعداد لاستخدام الأسلحة النووية البريطانية ردت «تاتشر» بصورة فورية وقاطعة: يجب أن يكون المرء مستعدًا للضغط على زر الإطلاق!!

أصبحت الشخصية التليفزيونية لأى سياسى أمرًا بالغ الأهمية إذ يمكن أن تتحول إلى رصيد هائل كما حدث للسيدة «تاتشر»، فقد وصل الأمر بالخبراء إلى الاهتمام بلون الستائر التى تظهر خلف رئيسة الوزراء وهى تدلى بتصريحاتها التليفزيونية، اختاروا الستائر من اللون الأزرق الداكن لإظهار قوة شخصية تاتشر وتصميمها!!

وفجأة تتحول المحطات بكاملها من الحديث عن المناظرة السيئة إلى الحديث والتحليل عن «كورونا» التى أصابت ترامب وزوجته، والاهتمام فى قمته وسباق القنوات لا يتوقف!!