الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سيدة الصحافة الاستثنائية!

سيدة الصحافة الاستثنائية!

وصف الناقد والكاتب اللبنانى الكبير الأستاذ إبراهيم العريس «السيدة روزاليوسف فى مقاله الممتع بأنها «سيدة عربية استثنائية من القرن العشرين»، ومضى يستعرض مشوارها الأسطورى فى عالم الفن والصحافة فيقول:



لم يكن ثمة شىء فى طفولة «فاطمة اليوسف» يقول إنها ستكون ذات يوم كل هذا، فالطفلة ذات الأصل اللبنانى السورى الطرابلسى كانت مجرد طفلة يتيمة حطت رحالها مصادفة فى القاهرة عند أوائل القرن العشرين، وهناك ولسبب لن يبدو لنا واضحا لا هو ولا ظروفه ولم يحدث أن فصلته هى لا فى كتابها - ذكريات - ولا فى تصريحاتها الصحفية، كما أن ابنها «إحسان» لم يف أبدا بوعود منه كانت تتعلق برواية حكاية بدايات أمه!!

لسبب غامض إذن أولعت المراهقة الحسناء بعالم المسرح وأضوائه الباهرة، ولاسيما حين كانت تتسلل للتفرج على مسرح يقع وسط العاصمة المصرية وهناك كما تقول الحكاية اكتشفها الفنان «عزيز عيد» ذات يوم فدهش بمثابرتها على التسلل لمشاهدة العروض ولم يلبث أن جعل منها ممثلة! والطريف أن أول دور مثلته فاطمة وهى فى سن المراهقة كان دور جدة فى مسرحية عنوانها «عواطف الأبناء» أما العمل الأكبر الذى اطلق شهرتها فكان توليها بطولة أوبريت العشرة الطيبة التى لحنها «سيد درويش»!

ويمضى الأستاذ «إبراهيم العريس» فى سطور تفيض بالمحبة والاحترام فيسرد رحلة روزاليوسف فى عالم المسرح حتى أصبحت «سارة برنار الشرق»! ثم تقرر الاعتزال قائلة: إن الفنان يجب أن يترك المسرح قبل أن يتركه المسرح» وتتجه بعدها إلى الصحافة فتقرر إصدار تلك المجلة التى فاجأت الجميع بأن أعطتها اسم شهرتها «روزاليوسف» عنوانا لها، وأعلنت لرفاقها وفى مقدمتهم «محمد التابعى» إنها مستعدة لبيع كل ما عندها من أجل تدبير مبلغ الاثنى عشر جنيها التى يتكلفها إصدار مجلة من ثلاثة آلاف نسخة!

وهكذا كان وصدرت روزاليوسف التى اتجهت منذ البداية لتأييد حزب الوفد غير أن تأييدها كان محدودًا وناقدًا، وهكذا سرعان ما وجدت نفسها تخوض أعنف المعارك ضد ورثة «سعد زغلول» فى ذلك الحزب لا سيما منهم مصطفى النحاس ومكرم عبيد.. فما كان من الوفد إلا أن جمع أنصاره وهاجم مبنى المجلة حيث راح المتظاهرون يقذفون المبنى بالحجارة، فما كان من «فاطمة اليوسف إلا أن جابهت الجمهور شارحة وجهة نظرها فى أسلوب ممارسة مصطفى النحاس للحكم!

ولكن لئن كانت السيدة قد انتصرت فى تلك اللحظة فسرعان ما خسرت على المدى الأبعد حيث أدت مقاطعة الوفد والحكومة لها إلى خسائر مالية ضخمة أوردتها مورد الإفلاس، فأودعت السجن، لكنها خرجت منه أكثر تصميما وراحت تخوض معركتها الصحافية والسياسية ضد الوفد والإنجليز والقصر، وصارت «روزاليوسف» مدرسة فى الوطنية وكتب فيها معظم الصحافيين الكبار وراحت تكشف الفضائح مثل فضيحة الأسلحة الفاسدة والتى يقال أن مقالات «إحسان عبدالقدوس» فيها هى التى أطلقت شرارة ثورة 1952.

وبقيت السيدة تشاكس وظلت المجلة قائمة تحمل اسم مؤسستها بعد رحيل فاطمة اليوسف فى ابريل «نيسان» 1957 «الصحيح 1958» وبعد رحيل الوفد نفسه وزعاماته.

انتهى المقال الممتع والمنصف للأستاذ إبراهيم العريس الذى استمتعت بقراءته على موقع جريدة «اندبندنت عربية».