الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
رسول الرحمة

رسول الرحمة

«وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»



بهذه الآية الكريمة وصف رب العالمين محمدًا صلى الله عليه وسلم والذى ولد فى فجر يوم الاثنين الموافق الثانى عشر من ربيع الأول والثانى والعشرين من شهر أبريل عام 570 ميلادية، فى عام الفيل، وهو العام الذى حاول أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، ويقول صلى الله عليه وسلم عن نسبه إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام: «إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل كنانة، واصطفى من بنى كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفانى من بنى هاشم».

كان صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام يرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية التى كانت منتشرة فى مكة فلقد صانه الله وحماه منذ صغره، وطهّره من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خُلقٍ جميل، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالصادق الأمين ولقد أحسنت السيدة خديجة فى وصفه عندما نزل عليه الوحى لأول مرة فعندما قال لها لقد خشيت على نفسى وأخبرها الخبر فقالت له (والله لايخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتؤدى الأمانة وتحمل الكل وتكرم الضيف وتعين على نوائب الدهر).

كُلّف صلى الله عليه وسلم  بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، أمر بالدعوة سرًا لثلاث سنوات، قضى بعدهنّ عشر سنوات أُخَرى فى مكة مجاهرًا بدعوة أهلها، وقد أدى أمانة ربه أفضل ما يكون الأداء فعندما قال له عمه أبوطالب  (أكفف عن قومك ما يكرهون من قولك» طالبا منه أن يوقف دعوته لأهل مكة،. فقال محمد كلمته المشهورة «يا عمّ، لو وُضعت الشمس فى يميني، والقمر فى يسارى، ما تركتُ هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فى طلبه». ثم حاولت قريش مرات كثيرة بعرض المال عليه والزعامة، لكن محمدًا كان يرفض فى كل مرة.

وفى السنة العاشرة للبعثة، حزن النبى محمد صلى الله عليه وسلم على فقدان عمه أبوطالب وزوجته خديجة وأوذى إيذاء شديدا فى الطائف حتى سمّى ذلك العام بـعام الحزن. وبعد رحلة الطائف حدثت للنبى محمد رحلة الإسراء والمعراج فقيل أنها كانت ليلة 27 رجب بعد البعثة بعشر سنين, فنزل فى المسجد الأقصى، وصلّى بجميع الأنبياء إمامًا، ثم عُرج به إلى فوق سبع سماوات وانتهى إلى سدرة المنتهى ورأى الجنة والنار. وفُرضت عليه الصلوات الخمسة.

 ثم هاجر إلى المدينة، فدخلها يوم الجمعة 12 ربيع الأول، سنة 1 هجرية، وعمره يومئذ 53 سنة وعندما دخل المدينة مهاجرًا من مكة قال فى أول خطبة له، «يا أيّها الناس، أفشوا السّلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلّوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام». داعيًا الناس إلى نشر الرحمة بينهم، و نظّم محمد صلى الله عليه وسلم العلاقات بين سكان المدينة المنورة، وكتب فى ذلك كتابًا اصطلح عليه باسم دستور المدينة أو الصحيفة، واستهدف هذا الكتاب توضيح التزامات جميع الأطراف داخل المدينة من مهاجرين وأنصار ويهود، وتحديد الحقوق والواجبات، كما نص على تحالف القبائل المختلفة فى حال حدوث هجوم على المدينة.

 وعاهد فيها اليهود وأقرّهم على دينهم وأموالهم. وقد احتوت الوثيقة 52 بندًا، 25 منها خاصة بأمور المسلمين و27 مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولا سيما اليهود وعبدة الأوثان. ، فعاش فيها عشر سنين أُخرى داعيًا إلى الإسلام والمعجزة التى  تحدّى بها الناس هى القرآن.