الجمعة 19 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
موسى صبرى ويوسف إدريس: صداقة عمر!

موسى صبرى ويوسف إدريس: صداقة عمر!

صداقات وعداءات الكبار كانت دائما وأبدا يسودها الاحترام والإعجاب المتبادل بقيمة كل طرف فى مجاله.



وكانت خصومة وعداوة «د.يوسف إدريس» والأستاذ «موسى صبرى» غير خافية على أحد، لكن التقدير والاحترام بينهما كان أساس العلاقة بينهما.

فى هذا الصدد قرأت وأدهشنى مقال نادر كتبه الأستاذ موسى صبرى عن د.يوسف إدريس فى بابه الشهير «بعيدًا عن السياسة» بمجلة آخر ساعة عقب وفاة د.يوسف إدريس «أغسطس 1991» قال فيه:

عرفت يوسف إدريس منذ أكثر من ثلاثين عاما عندما عينت رئيسا لتحرير «الجمهورية» لفترة عامين عدت بعدها إلى أخبار اليوم، كان يكتب قصة طويلة تنشر على صفحات الجمهورية، ولفت نظرى إنه كان يعيد قراءة البروفة قبل النشر مرات، يعدل ويبدل ويضيف كلمة أو علامة استفهام، كان يحترم سطوره أبلغ احترام.

كما لفت نظرى - فى الوقت نفسه - أن زملاءه المثقفين الذين يعملون معه فى القسم الأدبى يغارون منه، يعترفون بتفوقه الفنى، ولكنهم يبحثون دائما عن شىء فيه يسخرون منه، رغم أن منهم من كان صديقه، والفرق بينهم وبينه أنهم كُتاب فاشلون فى الإبداع تحولوا إلى نقاد لا يعجبهم العجب!!

ودعانى إلى الغداء فى منزله مع زوجتى فاتهموه بنفاق رئيس التحرير ولكننى اقتربت منه كثيرا، حتى أصبحنا بعد سنوات عائلة واحدة لا تفترق، يوسف ورجاء زوجته وأحمد حمروش وفوزية زوجته، والدكتور ميلاد حنا وايفيلن رياض زوجته، والثلاثة ميلاد وحمروش ويوسف يتسابقون إلى رداء اليسار وكنت أرى دائما إننى أكثر يسارية منهم بغير شعارات!!

ولكن الخلاف كان يدب بينى وبين يوسف إدريس لأنه أكثرهم جموحًا فى المناقشة دائما إلى أقصى التطرف!

وكان يوسف إدريس يواجه حيرة شديدة، الماركسيون زملاء السجن والمعتقل كانوا يشككون فى يساريته ويتهمونه بأنه ينافق اليمين، وأهل اليمين يرون فيه شيوعيًا متمرسًا وهو تائه بطبيعته الإنسانية فى هذا الخضم!!

ولا أعرف لماذا كنت له دائما بالمرصاد رغم حبى العارم له، دائما أقول أنا ضعيف أمام شخص يوسف إدريس وأقبل عليه بكل النشوة، ولكننى كنت خصمًا جامحًا ليوسف إدريس وأهاجمه بكل القسوة، معادلة غريبة يمكن أن تفتك بأية علاقة بين شخصين ولكن صداقتنا استمرت، وكنا فى السنوات الأخيرة نتحاشى هذا الخلاف!

كان لى رأى فى الزوبعة التى أثارها ضد «نجيب محفوظ» لأنه لم ينل جائزة نوبل، ولكننى لم أكتب شيئًا حريصًا على ما تبقى لنا من أيام، ولما التقيت به قلت له ضاحكًا: - أنا لم أكتب حرفًا فى هذا الموضوع!

وضحك واحتضننى وهو يقول: الحمد لله!

وكنت دائما ضد ما يكتب من مقالات الرأى، كانت المؤثرات الوقتية هى التى تتحكم فى سطوره ولكنه الحر الطليق فيما يكتب من قصة قصيرة أو رواية طويلة أو مسرحية الصدق الكامل مع نفسه، التعبير عما يغلى فى صدره، ولعله ولد كاتب مسرح فى الفرافير وقد خرج بها عن الإطار التقليدى للمسرح فهو حوار متصل بين البطلين «الفرفور» و«السيد» أفرز فيه كل ما يغلى فى صدره من أفكار تمرد فيها على الفكر الماركسى الذى يدعو لمجتمع بلا طبقات، واتهمه النقاد الماركسيون بأنه من الخوارج،

ونجحت المسرحية حتى قمة النجاح، وكان يوسف لا يغادر المسرح ليل نهار، أول من يحضر وآخر من ينصرف، يجلس فى الصالة وأعلى التياترو ووراء الكواليس، ويتلصص بأحاسيسه على بعض الممثلين والمتفرجين ويتشاجر مع «كرم مطاوع» الذى أبدع إخراج المسرحية». وللحكاية بقية