السبت 28 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
(العطاء للوطن)

(العطاء للوطن)

سألوا رجل أعمال كبير من أصحاب الثروات هل يوجد من هو أغنى منك؟ قال نعم شخص واحد فقط.. سألوه من هو؟ أجاب منذ سنوات عندما تخرجت من الجامعة ولدى طموح وأفكار كبيرة لتنفيذ عدد من المشروعات وأثناء تجولى فى عدد من العواصم الأوروبية لدراسة المشروعات ونقل تجارب بعض هذه الدول، وفى مطار شارل ديجول قبل موعد الرحلة لفت نظرى العرض الجيد للمجلات والجرائد العالمية أعجبنى عنوان إحدى هذه الجرائد وأدخلت يدى فى جيبى كى أشترى هذه الجريدة إلا أنه لم يكن لدى من فئة العملات النقدية الصغيرة فأردت أن أنصرف فوجدت بائع جرائد صغير السن يجرى ورائى ومعه الجريدة التى لفتت نظرى، وأصر أن يعطيها لى بدون مقابل وقال لى خذ الجريدة فأنا أهديها لك وبعد ستة أشهر صادف أن لى رحلة كانت فى نفس المطار والصالة نفسها، وأيضا وقعت عينى على إحدى المجلات وأردت شراءها ولكنى لم أجد فى جيبى نقودا من فئة العملات الصغيرة ففوجئت بالشاب نفسه قال لى خذ هذه المجلة لك قلت يا أخى قبل فترة من الوقت كنت هنا وأهديتنى جريدة هل تتعامل هكذا مع كل شخص يصادفك أو يقع فى هذا الموقف، رد قائلاً لا يمكن .. لكن عندما أرغب ان أعطى فأنا أعطى من مالى الخاص هذه الجملة التى جعلتنى أتوه بتفكيرى عن الذى أراه  أمامى ونظرات هذا الشاب ظلت فى ذهنى وكنت أفكر يا ترى على أى أساس وأى إحساس يقول هذا الشاب هذا الكلام، والمفاجأة والكلام على لسان رجل الأعمال الثرى أنه وبعد تسعة عشر عاما عندما وصلت إلى ثرائى الشديد قررت أن أبحث عن هذا الشاب كى أرد له الجميل، وأعوضه عن سنوات شقائه وكلفت عددا من أصدقائى لإحضار هذا الشاب إلى مقر عملى بعد أن حددت لهم مكانه وعمله وبعد شهر ونصف من البحث والتحقيق وجدوه يعمل حارثا بأحد المحلات، وتمت دعوته وعندما حضر إلى مقر عملى سألته هل تعرفنى قال نعم إنك الشخص الذى اشترى منى جرائد ومجلات بدون مقابل قلت كنت صبى صغير تبيع الجرائد وأهديتنى مرتين جريدة ومجلة مجانية، وسألته لماذا فعلت ذلك رد قائلا هذا شىء طبيعى لأن هذا هو إحساسى واعتقادى الراسخ أننى لابد أن أوزع هذه الجرائد والمجلات لكل من أراد  شراءها وعندما وجدتك مهتما جدا بشراء هذه الجريدة ولا تملك نقودا فقررت  أن أعطيها لك حتى تتمتع بمعرفة محتواها، كما أن عينيك كانت تسبق يديك فى صدق بأنك لا تملك نقودا رغم مظهرك الذى يكشف عن ثرائك الشديد، قال له رجل الأعمال هل تعلم لماذا أحضرتك إلى هنا قال لا رد رجل الأعمال سأعطيك أى شيء تريد، قال الشاب وهو يضحك أى شيء أريده قال رجل الأعمال أى شيء تريده أو تطلبه هل حقيقى أى شيء قال رجل الأعمال نعم أى شيء تطلبه، لقد أعطيتنى قروضًا لأكثر من خمس دول أى يقصد الجرائد التى اصطحبها معه لعدد من الدول لقراءتها، المثير أن الشاب قال لرجل الأعمال يا أيها الثرى لا يمكنك أن تعوضنى عن الجرائد التى حصلت عليها بدون مقابل، رد رجل الأعمال ماذا تقصد كيف لا يمكننى تعويضك قال الشاب لديك القدرة لتفعل ذلك، لكن لا تستطيع أن تعوضنى عن الجرائد التى أخذتها رغم ثرائك الفاحش سأله رجل الأعمال لماذا أيها الشاب أنك لا تعرف عنى كل شيء الغريب أن الشاب رد قائلاً إن الفرق بينى وبينك أننى أعطيتك مجلات وجرائد بدون مقابل وأنا فى محنة فقر شديدة وأنت تريد أن تعوضنى وانت فى ثراء شديد لن تستطيع ان تعوضنى شيء لكن ذوقك واحساسك الجميل يجعلنى شديد التقدير لك وانا أرفض اى تعويض منك ويكفينى انك بحثت عنى وقمت بدعوتى لزيارتك فالفارق بينى وبينك اننى أعطيتك فى عز فقرى وانت تريد أن تعوضنى وانت فى عز ثرائك إننا لسنا متساويان والعطاء الذى اعطاه لنا الله وغرسته فينا التربية التى قام بها كل من والدى ووالدتى، والأخيرة هى التى لها الفضل الأعظم فى تربيتنا على العطاء مهما كان حالنا، سواء كنا فى حالة  فقر او غنى وبعد هذه الواقعة قال رجل الأعمال الثرى إننا نشعر إننا لا يوجد من هو أغنى منا كأثرياء، ولكن  من يملك العطاء هو الأغنى وهو الأبقى سواء كان يملك المال أو لا يملكه وعدد ليس بقليل من رجال الأعمال يملكون المال والعطاء، ولهم تجارب كبيرة فى أعمال الخير أبرزهم هشام طلعت مصطفى والمرحوم محمد فريد خميس وغيرهما، مما لا نعرف أسماءهم فهم يبذلون كل جهد من أجل العطاء وخدمة الوطن وليس من أجل الثراء وإذا جاء المال يتم تسخيره لخدمة العطاء سواء للفقراء أو للوطن وهو أكبر عطاء.