الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأمانة تستوجب الصدق

الأمانة تستوجب الصدق

الحياة تمتلئ بأصناف متعددة من الناس، الذين لا يشعر بهم الآخرون مهما أثاروا من ضجة، ولكنهم فى الحقيقة يحققون الأذية  بما يطرحونه من سخرية على الآخرين، وهؤلاء يمكن أن نطلق عليهم بأنهم منافقون، وهذا الصنف من البشر دائما وأبدا تجرى لهم ومن حولهم دراسات علماء الاجتماع، والذين بدورهم انتهوا إلى نصائح منها عدم المبالغة  فى المجاملة حتى لا نسقط فى حفر النفاق، وهناك صنف آخر من الناس يعمل ما ليس من طبعه ولو كان صوابا، وهذا الشخص الذى يقوم بأشياء ليست فى طبعه يتعرض للاتهام بالنفاق، والأخطر من هذا وذاك النفاق الاجتماعى، وهو ما يطلق عليه تلوث العلاقات، وعدم الوضوح فى المواقف والمبادئ والأحاديث بغرض المنفعة الشخصية، وما يثير الاشمئزاز هو الإدعاء بالحب، وهو أكثر أنواع الخداع انتشارا، ومدعو الحب ما أكثرهم، فمدعى الحب يفرح النساء ولكن قلبه يضرهم، والطلاقة فى الحديث عن الحب علامة أكيدة على الإدعاء، والمعروف أنه كلما زاد الضغط يولد الانفجار، وفى الحب يقال إن الضغط يولد النفاق الاجتماعى، والغريب أن المنافق الحقيقى هو الذى لا يدرك خداعه، لأنه يكذب بصدق، فقرش من النفاق يساوى حفنة من الطموح، وهناك عدد من الناس يعتبرون النفاق هو الكلمة المهذبة، ومعروف أن المنافق إذا أؤتمن خان، وإذا تحدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. وبعد خمس وثلاثين عام من العمل الشاق الذى كان يستمر إلى مطلع الفجر، وبعد دوشة ومشاكل وعتاب ونفاق لا أول لها ولا آخر مع مئات الراقصين والعازفين والمنشدين والمتفرجين الكرام، وبعد هذا كله أستطيع أن أقول إن الأمانة توجب الصدق، والمكاشفة هى الجرأة والشجاعة، والقراءة هى الزاد والزواد، ومع السخاء خبرة وفن، ومع الخبرة والفن ذوق وفكر، ولا أستطيع أن أقول بعد كل هذا أن فضيلة الوفاء قد ذهبت مع الريح  مهما يكن، لكن وفاة عدد من القيم هى التى أحزنتنى، ولم يحزننى تخلفى عن الاشتراك فى تشييع جنازة بعض القيم والمبادئ.  لقد كنت أحب العمل كثيرا وأرى أن  بعض ما كافحت على إحيائه والحفاظ عليه، أراه ميتا يوارى الثرى، ولا أحب أن أرى بعض قيم العمل مريضة أو ضعيفة أو مقعدة، أحب أن أرى قيم العمل تفيض بالصحة والنشاط والقوة، ومع صحة العمل ونشاطه وقوته تعيش الموهبة والأخلاق والقلم البارع، الذى يوجع ولا يسيل الدماء، ويدمر دون أن يمس شعور، أو يجرح كرامة، أو يسقط عن صاحبه الاحترام، ومع هذا كله ضرورة الثبات على المبادئ بحيث إذا وجد الشخص أن ما يعتنقه من مبادئ ليس سليم، فعليه أن يغيره  للأصلح  والأنفع لخدمة المصلحة العامة، وليس المصلحة الخاصة، هكذا دائما  من يريد أن يحيا من أجل الآخرين، لأن خدمة الوطن وخدمة الجموع هى الأبقى وتعيش إلى أبد الدهر.