الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أحمد بهاء الدين.. وحوار بائعة الهوى!

أحمد بهاء الدين.. وحوار بائعة الهوى!

«مفكرة» أو «نوتة صغيرة» كانت دائمًا بصحبة الأستاذ أحمد بهاء الدين كلما سافر خارج مصر، وبعد عودته تكون المعلومات والملاحظات والأفكار التى دونها عن هذا البلد وناسه ومشاهداته هى مرجعه عند كتابة مقال عن هذه الزيارة أو الرحلة!!



وفى مقال بهاء المنشور فى صباح الخير تحت عنوان «من بلد إلى بلد» أخذ يسترجع صفحات المفكرة وكتب: «أقلب بضع صفحات أو بضع أيام من باريس حتى تقع عينى على اسم مكتوب بلا تعليق: جاكى!!

إننى أكاد أراها الآن، كما رأيتها لأول مرة بالتايور الرمادى والحذاء الأحمر ذى الكعب المدبب والحقيبة الحمراء فى كتفها بوجهها الأبيض وشعرها البنى القصير!

كانت واقفة فى القسم المصرى بمتحف اللوفر أمام تابوت حجرى كبير وفى يدها كتالوج صغير عن القسم!

وكانت الساعة الرابعة بعد الظهر لأن اللوفر يفتح أبوابه بين الثالثة والخامسة عصر كل يوم!

وكنت أتأملها أكثر مما أتأمل التابوت أقول لنفسى: المتحف هنا ليس مكانًا خاصًا كالحال فى مصر، تدخله فلاتجد فيه مخلوقًا، أو لا تجد فيه إلا العلماء المتخصصين فى التاريخ «المتحف هنا مكان يرتداه الناس بكثرة بل وفى ازدحام كالمسرح والسينما» حتى هذه الفتاة الجميلة الشابة المعطرة تنفق ساعة من وقتها فى المتحف!

وبدأت هي تلتفت إلى ثم قالت لى: أظن أنك شرقى وربما مصرى بالذات؟

واتصل بيننا الحديث وخرجنا من المتحف سويًا.. ودعوتها إلى فنجان قهوة فقادتنى إلى مقهى صغير فى شارع الكابوسين.

كان مظهرها وكلامها يدل على أنها طالبة فى جامعة أو بائعة فى محل أنيق ولاحظت منذ جلسنا أنها تشرب السجاير بكثرة شديدة!

ومرت ساعة سريعة وصاحت هى: لقد أصبحت الساعة السادسة يجب أن أذهب فورًا لأنام!

تنامين الآن؟!

قالت: نعم لأصحو  وأذهب إلى العمل الساعة عشرة ليلًا!!

أى عمل؟!

فضحكت ضحكة مخطوفة وقالت: آه شارع فرانكلين روزفلت.

وارتبكت إن شارع فرانكلين روزفلت المتفرع من شارع الشانزليزيه مقر شهير لبائعات الهوى!!

أيمكن أن تجد إحدى بائعات الهوى تزور اللوفر وتشترى كتالوج قسم الآثار المصرية وتتحدث هذا الحديث الخصب البسيط؟!

وحاولت أن أطرد من رأسى دوامة الخواطر بسرعة حتى لا أحرجها وقالت لى وهى تنهض: هل تدعونى إلى الغداء باكر؟!

قلت لها: ياريت.. لولا إننى مسافر صباح الغد إلى لندن!

فابتسمت ابتسامة غير مصدقة، وكأنها تقدر الأسباب التى تمنعنى من دعوتها.. ثم انصرفت مسرعة، وابتلعها السلم الهابط إلى المترو.. ولكننى لم أكن أكذب عليها!

ويكتب بهاء أيضًا.. إن ستوكهولم أجمل من باريس ولكن باريس أحب، إن ستوكهولم كالمرأة الجميلة الناضرة الشابة، ولكنها امرأة «خام» بلا تجارب أما باريس فهى ليست بهذه النضرة إنها امرأة أقل جمالًا ولكنها أكثر جاذبية، امرأة تعرف من عينيها أنها ذات تجارب حافلة وأعماق بعيدة.

وللحكاية بقية.