الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
محمد على باشا.. النهضة الصناعية (5)

محمد على باشا.. النهضة الصناعية (5)

أدرك محمد على باشا منذ توليه حكم مصر أن الصناعة تلعب  دورا مهما فى ارتقاء ونمو الأمم،  وكانت البلاد فى هذا الوقت تعانى من تدهور شديد فى مجال الصناعة فقرر النهوض بالصناعة ووجد أن أفضل الطرق للنهوض بالصناعة هو بناء القوة الذاتية للبلاد بدون اللجوء للاستيراد من الخارج وقام بإرسال  بعثات لأوروبا منذ عام 1809.



إلى إيطاليا وفرنسا والنمسا وإنجلترا لدراسة كل ما يخص ويلزم الصناعات وفنونها المختلفة، وكذلك أيضا ترجمة الكتب الصناعية للاستفادة منها وتدريسها بعد ذلك فى مصر.

فتعددت أنواع الصناعات التى أدخلها محمد على باشا فأقام فابريقة مصنع الغزل والنسيج بالخرنفش عام 1816 

 واستقدم للعمل بها عمالا فنيين من مدينة فلورنسا بإيطاليا

وأنشأ أيضا فى بولاق فابريقة مالطة للغزل  والنسيج  وسميت بهذا الاسم نسبة إلى العدد الكبير من العمال المالطيين الذين كانوا يشتغلون فيها، وأدخل بها ورشة تضم عمالا من كل الحرف ومدربين جيدا لإصلاح آلاتها وإصلاح آلات مصانع الوجهين البحرى والقبلى، وبها أيضاً ورشة للنجارة يعمل بها صناع فرنسيون وأروام يقومون بصناعة نماذج  دقيقة.

ثم أنشأ مصنع أمشاط الغزل بحى السيدة زينب وأنشأ أيضا المبيضة،  لتبيض الأقمشة التى تصنع فى الفابريقات بالأساليب الصناعية الحديثة، وأنشئ مبيضات أخرى  فى شبرا وشبين والمحلة الكبرى والمنصورة. 

وأنشئت مصانع النيلة فى شبرا شهاب، والعزازنة وميت غمر، والمنصورة، ومنوف، وابيار، والأشمونيين، وبركة السبع، والمحلة الكبرى، والجيزة، وأبوتيج، وملوي، ومنفلوط، وطهطا، وأسيوط، والفشن، وهذه المصانع تستنفد سدس محصول القطر المصرى، وكانت النيلة ترسل من المصانع إلى القاهرة حيث تبيعها الحكومة وتصدر منها للخارج بعد استنفاد حاجة المستهلكين.

وكان يصدر جزء من القطن للغزول إلى ثغور البحر الأدرياتى وثغور التوسكان (إيطاليا).

 ومن هناك يرسل إلى داخل إيطاليا وألمانيا، أما باقى القطن المغزول فإنه ينسج أقمشة فى مصر فتباع الأقمشة المنسوجة فى المدن والقرى بالقطر المصرى، ويصدر بعضها إلى سوريا والأناضول، انتشرت بعدها فى مصر مصانع الغزل والنسيج بالوجهين البحرى فى شبين الكوم قليوب المحلة الكبرى زفتى وميت غمر المنصورة دمنهور دمياط فوه رشيد، والقبلى بنى سويف واسيوط المنيا وفرشوط وطهطا وجرجا وقنا وأنشأ أيضا مصنع الجوخ فى بولاق ومصنع الصوف ومصنع الحريروتميزت بجوده منتجاتها، ومصنع  للحبال بالقاهرة ترسل مصنوعاته إلى الإسكندرية لاستخدامها فى ترسانة الثغر، وفى السفن الحربية والتجارية، كما أنشأ مصانع أخرى مختلفة منها مصنع للصابون ومدبغة للجلود برشيد ومصنع للزجاج والصينى وآخر للشمع.

واهتم محمد على بصناعة آلات حلج وكبس القطن، ومضارب الأرز ومعاصر للزيوت. كذلك توسع فى استعمال الآلات البخارية ومصانع لتحضير المواد الكيماوية والسكر والزجاج. 

واهتم محمد على بالصناعات المعدنية فأقام فى بولاق مسبك للحديد يتولى رئاسة العمل فيه رئيس إنجليزى يعاونه خمسة من العمال الإنجليز وثلاثة من المالطيين وأربعون تلميذا مصريا موزعين على جميع أقسام المسابك، وأنشأت الحكومة مصنعا لعمل ألواح النحاس التى كانت تبطن بها السفن، كما أسس دار الصناعة بالقلعة، وأقام مصنعا، للأسلحة الصغيرة، ومعامل البارود، وترسانة الإسكندرية التى بدأ العمل فيها عام 1829.

كما اهتم محمد على بالصناعات الغذائية فأقام مطاحن الحبوب والغلال وعمل الخبز وقد عنى محمد على بعمران المدن بما استحدثه فيها من المبانى العامة كالقصور والمصانع ودور الحكومة وما إليها، فمن ذلك انه انشا بالقلعة قصره الشهير (قصر الجوهرة) الذى كان مقر الحكم فى عهده، وقصر شبرا، وسراى التين بالإسكندرية، وأنشأ الدفترخانة بجوار القلعة لتحفظ بها وثائق الحكومة ودفاترها وسجلاتها وبنى جامعة الكبير بالقلعة وأوصى أن يدفن فيه وعنى بعمران الإسكندرية.