
محمد عبد النور
صورة صادمة
ليست فقط صورة مؤسفة ولكنها صورة صادمة بكل المقاييس ، فلم يكن الغرض أبدا من مشروع تبطين ترع الرى ولا كل المليارات التى دفعت فيها ولا تزال تدفع من اموال دافعى الضرائب ان تتحول الى مقالب قمامة عمومية ، وصورة ترعة سقارة استحلال بغيض يهدر محاولة جادة للتحسين من جودة الحياة فى محيط هذه الترع.
سمعنا من قال إنه ليست هناك اماكن اخرى مخصصة وسمعنا من قال إنه ليست هناك منظومة لجمع القمامة فى هذه الاماكن، وسمعنا ايضا من قال إنه على الحكومة أن تتحرك فى سياق توعية الناس بخطورة هذا المسلك، ولم نسمع عن مطالبة الناس بالانضباط والحرص على مرافق الدولة والتى هى فى الأساس تخدمهم بشكل مباشر.
فإذا قلنا إن مشروع تبطين الترع والذى تأخر تنفيذه عقودا من السنوات مضت هو إجراء لتوفير مياه الرى ومنعها من التسرب فى باطن الأرض وهذه معلومة يعرفها أصغر فلاح، فى وقت تعانى فيه مصر من عجز شديد فى المياه جعلها ضمن قائمة دول الفقر المائى، فنحن لا نذيع سرا.
و إذا قلنا إن تبطين الترع تم بعد رفع أطنان من المخلفات لم تكن تخطئها عين وظلت الشكوى منها ايضا لسنوات طويلة مضت وقد كانت بالفعل مقالب لأهل القمامة وأن تطهيرها وتبطينها كمشروع قومى غير من البيئة الصحية لمحيطها ومنع انتشار أمراض واستوطانها وهذه حقيقة يعرفها أصغر طفل فى كل قرية، فنحن أيضا لا نذيع سرا.
إذن.. هنا.. نحن لسنا فى إشكالية توعية من لا وعى له.. وانما نحن أمام صورة فجة من صور عدم الانضباط السلوكى، فلا اتصور انك تعلم يقينا ان تبطن ترعة يحقق لك مصلحة مباشرة فى توفير مياه وعدم تحويلها إلى مقلب قمامة يقيم لك بيئة صحية جيدة تحميك وأولادك من أمراض قد تؤدى بحياتك، وتقوم بإصرار وترصد بفعل من هذا النوع.. انت تنتحر يا سيدى.
فليست هناك حكومة على وجه الأرض تستطيع أن تحمى إنسانا من نفسه وليست هناك ادارة على وجه الأرض تستطيع أن تضع حارسا على كل متر من الترع المبطنة يمنع تحويلها إلى مقالب للقمامة.
ولكن هناك عقوبات صارمة فى أقسى درجاتها من غرامات مالية وسجن قد حان وقت إصدارها وتنفيذها بكل جدية وحزم، ربما يصبح مفهوما أن أول شرط لتحسين جودة حياة المصريين هو الانضباط السلوكى.