السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
محمد على باشا الكبير(6)

محمد على باشا الكبير(6)

حملة الإسكندرية 1807 أو حملة فريزر ترجع أسباب تلك الحملة أنه عندما ساءت العلاقات بين انجلترا وتركيا والتى انتهت بإعلان الحرب بينهما، واعتزمت انجلترا أن تضرب تركيا فى مصر وتحقيق اطماعها هى  فى مصر أيضا، فارسلت حملتها على مصر بقيادة الجنرال فريزر، وكانت على اتفاق مع محمد بك الألفى زعيم المماليك أن يؤيدها ويشد أزرها لاحتلال مصرعلى أن تكفل للماليك الاستيلاء على حكومة البلاد، لكن الأقدار قضت أن يموت الألفى قبل أن تهبط الحملة إلى مصر. وكان محمد على باشا غائبا عنها يقاتل المماليك فى الصعيد، ولما علم بالحملة فاوض زعماء المماليك فى ابرام الصلح معهم، وعاد إلى القاهرة ليستعد للمعركة الفاصلة مع الإنجليز، وتولى السيد عمر مكرم زعامة المقاومة الشعبية بما عهد فيه من شجاعة وحزم واخلاص واستنفر أهل القاهرة إلى التطوع للقتال، وخطب المساجد فى حث الناس على الجهاد، فاستجابوا للدعوة، وأقبلوا على التطوع وأخذ المتطوعون يذهبون فى صبيحة كل يوم إلى أطراف المدينة يعملون فى حفر الخنادق وإقامة الاستحكامات شمالى القاهرة لصد الإنجليز إذا جاءوا بطريق شبرا، وسارعوا إلى الاستعداد للقتال، وكذلك أهل بولاق والنصارى والأروام والشوام والأقباط واشتروا المقاطع والغلقان والفؤوس وآلات الحفر وشرعوا فى بناء حائط مستدير بأسفل تل قلعة السبتية كما ذكر الجبرتى فى مذكراته.



استولى الإنجليز على الإسكندرية بدون مقاومة بفضل خيانة أمين أغا حاكمها بأن سلم نفسه كأسير حرب ومعه حامية المدينة دون أن تطلق رصاصة واحدة.

ثم تحرك الجيش الإنجليزى من الإسكندرية قاصدا رشيد، فعزم محافظ رشيد على بك السلانكلى على مقاومة الجيش الإنجليزى معتمدا على قوة الحامية وعلى مشاركة الأهالى فى الدفاع عن المدينة، ولأجل أن يبعث الحمية فى نفوس جنوده ويحملهم على الاستبسال فى القتال أمر بإبعاد مراكب التعدية  إلى البر الشرقى للنيل حتى لا يجد رجال الحامية وسيلة إلى الارتداد اذا حدثتهم نفوسهم أن يسلموا كما سلمت حامية الإسكندرية، فشعر الجنود والاهلون عند اقتراب الجيش الإنجليزى أن البحر من ورائهم، والعدو من أمامهم، فقويت عزيمتهم على المقاومة  إلى النهاية، وأمر على بك أن تتراجع الحامية  إلى داخل المدينة وأن يعتصموا هم والأهلون بالمنازل مستعدين للضرب وألا يبدوا بحركة ما إلا عندما تصدر لهم الاشارة باطلاق النار.تقدم الإنجليز، ولما لم يجدوا أثرا للمقاومة خارج البلد اعتقدوا أن حاميتها قد اعتزمت إخلاءها وتسليمها، فدخلوا شوارع المدينة مطمئنين، وأصدر على بك أمره بإطلاق النار عندما انطلق نداء الأذان بأمر السلانكى من فوق مئذنة مسجد سيدى زغلول مرددًا: الله أكبر، حى على الجهاد،

فاقتحمهم الرصاص من كل صوب، واخذ الأهلون يطلقون النار من النوافذ والسطوح، فدب الرعب فى قلوب الإنجليز، وسقط الكثيرون منهم صرعى فى الشوارع ولاذوا بالفرار، وانتهت الواقعة بهزيمة الجيش الإنجليزى، فتقهقروا  إلى الإسكندرية وكان لأهالى رشيد النصيب الأوفر فى هزيمة الجيش الإنجليزى كما ذكرالمؤرخ الجبرتى

حاصر الانجلير مدينة رشيد بعد هزيمتهم الأولى ليمحوا أثارها وقاموا بضربها بالمدافع تمهيدا للهجوم عليها وفتحها عنوة، وقد تهدم كثير من بيوتها ومات كثير من أهلها، وفى غضون ذلك وصل محمد على باشا  إلى القاهرة عائدا من الصعيد فبادر إلى تجهيز حملة عسكرية وسارت قاصدة  إلى رشيد فتمكن فرسان الجيش المصرى من هزيمة الجيش الإنجليزى المرابط فى الحماد، وفك الحصار عن مدينة رشيد وواصل باقى قوات الجيش الانجليزى الفرار إلى الإسكندرية.

كانت معركة الحماد هزيمة ساحقة للإنجليز، فملأت نفوس المصريين عزما وفخرا وثقة، وأسقطت هيبة الجيش الإنجليزى وخاصة لما جمع أسراهم وتم شحنهم فى المراكب إلى القاهرة ليتحقق الناس من النصر العظيم الذى أدركه الجيش المصرى.

فسيقوا من بولاق إلى الأزبكية، ومنها إلى القلعة وفى مقدمتهم قواد من الجيش الإنجليزى واحتشد سكان العاصمة على جوانب الشوارع والطرقات لرؤية منظر الأسرى. فطلب الجنرال فريزر المفاوضة فى الصلح على أن يجلو الجيش عن الإسكندرية فى مقابل استرجاعهم أسراهم وجرحاهم بعد معركة خاسرة بتكلفة تزيد على 900 ضابط وجندى قتيل وأكثر من 500 أسير. ودخل محمد على الإسكندرية لأول مرة، والتى كانت قبل ذلك خارج نفوذ الحكومة المصرية حيث كان يتم تعيين حاكمها من قبل السلطان العثمانى وكان يوما مشهودا أطلقت فيه مدافع القلاع والأبراج ابتهاجا بانضمام الاسكندرية  إلى جامعة الوطن.

وتعد هزائم الإنجليز فى رشيد والحماد صفحات مجد وفخار لمصر والمصريين.