الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
البر بالوالدين  وصحابة الرسول

البر بالوالدين وصحابة الرسول

أكد عضو المجلس الأعلى  للشئون الإسلامية أنه لا يختلف اثنان على أن مكانة الأبوين لا ينافسها مكانة أخرى وفضلا عند كل إنسان سوى، حيث يبذلان حياتهما من أجل تربية أبنائهما، ونجاحهم فى الحياة، لذلك جاءت الأديان السماوية كلها تعظم فضل الأب والأم وتجعلهما فى مكانة عالية.



ولقد حرص الإسلام على تكريم الأبوين وخص الأم بمكانة عالية كونها تحملت آلام الحمل والوضع والرضاعة، وتحملت ما لا يمكن لرجل أن يتحمله، بل وجعلت من حياتها طريقًا لأبنائها، وكذلك الأب الذى يسخر أجمل فترات حياته فى السعى لسعادة أبنائه.

ولذلك كان من أعظم الحقوق على الإنسان بعد حق الله -تعالى-  ورسوله الكريم؛ حق الوالدين، قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).. وجاءت الأمّ مقدمة فى البر على الأب، وحقوقها على أبنائها أكثر؛ فهى الحامل، وهى المرضع، وهى الوالدة المربيّة، قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا، حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا، وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا).

وفى الحديث المشهور:  سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ).

وكما قال العلماء كان صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام يرون أن بِرَّ الوالدين وخصوصًا البِرَّ بالأمهات من أفضل الأعمال؛ فعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال لرجل: «إنى لا أعلمُ عملًا أقرَب إلى الله عز وجل من برِّ الوالدة»؛ [أخرجه البخارى فى الأدب المفرد]، وعن ابن عمر رضى الله عنهما «أنه قال لرجل: أحَيٌّ والدُاكَ؟ قلت: عندى أُمِّى، قال: لو ألَنْتَ لها الكلامَ، وأطعَمْتَها الطعامَ لتدخُلَنَّ الجنَّة ما اجتنبت الكبائر»؛ [أخرجه البخارى فى الأدب المفرد].

 ولقد حرص الصحابة رضى الله عنهم على البِرِّ بوالديهم، ويخصُّون الأُمَّ بمزيد من العناية؛  لعظيم حقِّها، فقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم رؤيا، ورؤيا الأنبياء حَقٌّ أن أحد الصحابة فى الجنة بسبب بِرِّه بأُمِّه؛ فعن عائشة رضى الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نمْتُ فرأيتنى فى الجنة، فسمعتُ صوت قارئ يقرأ، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا حارثة بن النعمان))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك البِرُّ، كذلك البِرُّ))، وكان أبَرَّ الناس بأُمَّه؛ [أخرجه أحمد].

وكان أبوهريرة إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتينى صغيرًا، فتقول: رحمك الله كما بررتنى كبيرًا، وإذا أراد أن يدخل صنع مثله».

وورد أن  على بن الحسن كان لايأكل مع والديه، فقيل له فى ذلك، فقال: لأنه ربما يكون بين يدى لقمة أطيب مما يكون بين أيديهما، وهما يتمنيان ذلك، فإذا أكلت بخست بحقهما».

وكلمة حق.. إن ما نشهده فى زماننا من جفاء بالأبوين وبخاصة الأم.. حيث نرى أمًا عجوزا تتكفف العطف من الناس ولها أبناء.. لهو من أشد أنواع العقوق،  وليس هناك  ذنب أعظم عند الله تعالى بعد الشرك والكفر إلا عقوق الأبوين الذى أوصانا الله ببرهما، وحرم علينا أن نسىء إليهما ولو بكلمة «أف» حيث قال تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا».