قنبلة حرمانية لقاح كورونا

هل نستحق كعالم إسلامى ما يوصم به من ابتعاد عن الإدراك الطبيعى لحقائق بديهية تحت مظلات وانتفاضات الفتاوى كجهلاء أغبياء يفسدون فى الأرض، يسممون النفس البشرية بأحكام تفترض من الشعوب الإسلامية اتباعها حتى ولو كان الثمن إهدار الحياة؟

إندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان حيث تضم 13% من مليار ونصف المليار مسلم على سطح الكرة الأرضية بتعداد سكانى يتجاوز 229 مليون مسلم يصدر أعلى مجلس دينى إسلامى فيها وهو مجلس العلماء فتوى صادمة بأن لقاح كورونا «استرازينيكا» حرام شرعًا لأن عملية تصنيعه تستخدم مادة من بنكرياس الخنزير.

هكذا «خبط لزق» ودون أى دليل علمى أو تدقيق فى المعلومة أو سند قرر المجلس الإندونيسى حرمانية اللقاح دون الاعتبار بمصير ما يزيد على 200 مليون مسلم، والذين يواجهون أسوأ حالات تفشى كورونا فى آسيا بتسجيل مليون ونصف إصابة  و39 ألف وفاة حتى الأول من أمس.

وغيرهم من غير الإندونيسيين الذين سيتأثرون بالفتوى، وقد أصبحوا مطالبين شرعًا بعدم الحصول على لقاح ينقذ حياتهم من فيروس شرس لا يرحم كهلاً أو شابًا أو امرأة أو طفلًا فى جائحة عالمية حتى ولو من باب فقه الضرورة الإسلامى.

وأنه وسط الحرب الشرسة بين الدول فى الحصول على اللقاح والتى أصبحت حربًا عالمية مكتملة الأركان بين شرق وغرب وشمال وجنوب، لم يتألم مجلس العلماء الإندونيسى صاحب الفتوى وغيره من المجالس المشابهة فى العالم الإسلامى من عدم وجود بلد إسلامى واحد نجح فى التوصل إلى لقاح وإنتاجه إنما الكل فى طابور الانتظار الطويل لما يجود به غير المسلمين.

كما لم يتألموا هم وغيرهم من المجالس من تردى الحالة الاقتصادية لدول المسلمين فى العالم بسبب أو بآخر، بشكل أو بآخر، جعلتهم الأقل دخلا والأكثر فقرًا الذين عليهم أن ينتظروا «الحسنة» من دول غير المسلمين لإنقاذ حياتهم من فيروس لعين يهدد البشرية.

بالطبع رد المتحدث باسم استرازينيكا فى بيان أكد أنه فى جميع مراحل عملية الإنتاج لا يستخدم اللقاح ولا يتلامس مع المنتجات المشتقة من لحم الخنزير أو غيرها من المنتجات الحيوانية.

بما يعنى أن فتوى المجلس الإندونيسى ليس لها مجال للنظر من الأصل، أو حتى لم يتحمل أصحابها عناء الاتصال بالشركة والحصول على المعلومة قبل أن يفجروا هذه القنبلة المقيتة الجاهلة. هل توصلنا للإجابة على السؤال فى أول سطر؟