الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أغدًا ألقاك مع عبدالوهاب التاسع عشر!

أغدًا ألقاك مع عبدالوهاب التاسع عشر!

كم مرة سمعت واستمتعت بأغنية السيدة أم كلثوم الرائعة «أغدا ألقاك» تلحين الموسيقار محمد عبدالوهاب وأشعار الشاعر السودانى «الهادى آدم».



أنا سمعتها واستمتعت بها عشرات المرات وربما أكثر من ذلك منذ غنائها سنة 1971 - أى منذ نصف قرن - كواليس هذه القصيدة المغناة عرفت تفاصيلها من مقال نادر للأستاذ «محمد عوض» عنوانه «عبدالوهاب التاسع عشر»، وقد سمعها بنفسه من «عبدالوهاب» وكان في زيارة له حيث كتب يقول:

دق جرس التليفون فى منزل محمد عبدالوهاب، كان المتحدث على الطرف الآخر هو «يوسف وهبى» تحيات وسلامات وأشواق وأحضان تليفونية!

إن عبدالوهاب مشغول الآن، إننى وحدى أجلس معه، أجلس فى صالونه الداخلى ولكن عبدالوهاب معه بجسمه فقط، أما عقله فهو مشغول بانتاجه السنوى: أغنية أم كلثوم!

إن الأغنية - هكذا يحكى عبدالوهاب - هى قصة بدأت بتليفون من أم كلثوم: إيه رأيك فى القصيدة دى تحب تسمعها؟!

ورد عبدالوهاب على أم كلثوم متسائلاً: قصيدة.. مين كتبها؟

لن أقول لك الآن - اسمع الكلمات أولاً وقل لى رأيك.

ثم انطلقت أم كلثوم على الجانب الآخر من خط التليفون تقرأ كلمات الأغنية:

أغدًا ألقاك يا خوف فؤادى من غد

يا لشوقى واحتراقى فى انتظار الموعد

آه كم أخشى غدى هذا وأرجوه اقترابا

كنت استدنيه لكن هبته لما أهابا

ولم ينتظر عبدالوهاب لقد قاطع أم كلثوم معلنًا ابتهاجه:

الله دى كلمات هايلة.. والنبى بقى مين مؤلفها؟!

أم كلثوم: واحد ما تعرفوش.. شاعر سودانى اسمه الهادى آدم.

إنما دى معانى حلوة بصحيح.. حلوة وجديدة.

أم كلثوم: يعنى موافق على تلحينها؟!

جداً جدًا «سمعينى كده الباقى!

ويومها استأنفت أم كلثوم قراءة الكلمات القادمة من السودان، قبل أن ترسلها إلى عبدالوهاب فى منزله، بعدها - من يومها - بدأ عبدالوهاب يترجم كلمات القصيدة إلى معان موسيقية يسمعها الناس.

بعد شهر وضع عبدالوهاب أولى لمساته الموسيقية فى كلمات القصيدة من منزله بالإسكندرية انطلق أول خاطر موسيقى من عقل عبدالوهاب إلى فمه إلى جهاز التسجيل الصغير الذى يصحبه معه دائمًا إلى أى مكان يذهب إليه.

من الآن من هذه اللحظة بالضبط بدأ عبدالوهاب يدخل طرفًا ثانيًا فى القصيدة بعد الشاعر الذى كتبها وقبل أم كلثوم التى ستغنيها.. من هذه اللحظة سوف يبدأ الأطراف الثلاثة مشاوراتهم فى كل معنى وكل بيت وكل كلمة فى القصيدة، هل هذه الكلمة مناسبة؟! هل تعطى المعنى؟ هل نبقى عليها؟ لماذا لا نعد لها؟ لماذا لا نجرب؟ لماذا لا نتشاور مع صاحب الأمر؟ لماذا لا نستدعى «الهادى آدم» من السودان؟

وفعلاً جاء الشاعر من السودان فى رحلة للاشتراك فى الأعمال التحضيرية لهذا العمل الغنائى الجديد «رحلة مفاوضات».

هل المعانى هكذا أفضل؟ هل هى أكثر تناسقًا؟ أكثر اختصارًا؟ أكثر جمالاً؟!

نعم نجحت المفاوضات بين الشعر والغناء والموسيقى.

إن عبدالوهاب فى هذا اللحن هو عبدالوهاب التاسع عشر إن هذا لهو لحنه التاسع لأم كلثوم، ولكن عبدالوهاب نفسه هو تاسع عشر، هو الجلالة، هو الملك، هو الإمبراطور.. انتهت كلمات الأستاذ محمود عوض وأتركك مع أغدا ألقاك ؟!.