
أ.د. رضا عوض
محمد على باشا الكبير8
الحرب المصرية العثمانية الأولى (1831 - 1833)
بعد أن اطمأن محمد على على المستوى القتالى الكبير الذى وصل إليه الجيش المصرى بقيادة القائد الفذ إبراهيم باشا فى حرب المورة، وبعد أن رفض السلطان العثمانى طلب محمد على منحه بلاد الشام كمكافأة لمساعدته السلطان خلال حرب المورة (حرب الاستقلال اليونانية).
فبمجرد عودة إبراهيم وقواته من اليونان، بدأت الاستعدادات للسيطرة على سوريا بشكل جدى فكانت الحرب المصرية العثمانية الأولى أو الحرب التركية المصرية الأولى أو الحرب السورية الأولى.
كان حاكم عكا، عبدالله باشا بن على، يأوى الهاربين من التجنيد المصرى، وقيل إنه رفض المساهمة فى جهود محمد على الحربية. فأخذ محمد على هذه الأسباب لغزو الشام، فقام بإرسال القوات البرية والبحرية بقيادة إبراهيم باشا شمالًا لمحاصرة عكا فى أكتوبر من عام 1831. سقطت المدينة أمام جيش إبراهيم بعد ستة أشهر فى مايو من عام 1832. ويعد سقوط عكا بقلعتها المنيعة التى عجز نابليون بونابرت عن الاستيلاء عليها انتصارًا تاريخيًا كبيرًا للجيش المصرى بقيادة القائد الكبير إبراهيم باشا.
بعد معركة عكا، استمر الجيش المصرى فى التقدم ونجح فى السيطرة على حلب وحمص وبيروت وصيدا وطرابلس ودمشق، ولم تتمكن الجيوش التى أرسلها السلطان والحكام المحليين من مواجهة قوات إبراهيم لتفوق الجيش المصرى من ناحية المستوى القتالى المتميز له والأساليب الحديثة التى اتبعها محمد على فى تجهيز وتدريب الجيش المصرى. وأيضًا كان ضباطه يتمتعون بخبرة أكثر بكثير من نظرائهم العثمانيين، بعد أن تحملوا وطأة القتال فى آخر حرب ضد المتمردين اليونانيين، وجذب إبراهيم دعمًا محليًا كبيرًا لقضيته من خلال وصف حملته بأنها «من أجل التحرر من نير الأتراك».
بعد السيطرة على الشام، واصل الجيش المصرى حملته فى الأناضول قلب الإمبراطورية العثمانية، فكانت المعركة الفاصلة معركة قونية فى 21 نوفمبر 1832، فقد نظم السلطان العثمانى جيشًا جديدًا قوامه 80000 ، رجل تحت قيادة رشيد محمد باشا، الصدر الأعظم، فى محاولة أخيرة لمنع تقدم إبراهيم نحو العاصمة. بينما قاد إبراهيم قوة قوامها 50000 رجل، وحققت قوات إبراهيم انتصارًا كبيرًا، وأسرت الصدر الأعظم قائد الجيش العثمانى واحتلت القوات المصرية مدينة قونية فى وسط الأناضول، على مسافة قريبة من العاصمة اسطنبول. كان ذلك النصر الكبير فى قونية هو النصر الأخير والأكثر إثارة للإعجاب فى الحملة المصرية ضد مقر الباب العالى، ومثل ذروة قوة محمد على فى المنطقة، ولكن أجبر الضغط الفرنسى والبريطانى الذى كان يخاف من تدخل روسيا والتى استعان بها السلطان العثمانى لمنع تقدم القوات المصرية والموافقة على اتفاقية كوتاهيه. فبموجب هذه الاتفاقية، أوقف القتال وتم التنازل عن المحافظات السورية إلى مصر، وأصبح إبراهيم باشا الحاكم العام للمنطقة. جعلت المعاهدة محمد على تابعًا اسميًا للسلطان. ولكن بعد ست سنوات، عندما أعلن محمد على الاستقلال القانونى عام 1839 ، أعلن السلطان أنه خائن وأرسل جيشًا لمواجهة إبراهيم باشا، وكانت الحرب المصرية العثمانية الثانية.