السبت 19 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تنظيم النسل المفترى عليه

تنظيم النسل المفترى عليه

مع تزايد التعداد السكانى الذى تخطى المائة مليون نسمة ظهرت الحاجة إلى الدعوة إلى تنظيم الأسرة,, أو تنظيم النسل من أجل تحقيق حالة من التوازن مع مقدرات الدولة، وسعيها للنمو والاستقرار، وبدأت مؤسسات الدولة المعنية بما فيها دار الافتاء المصرية والأوقاف فى تنظيم حملات للتوعية باهمية تنظيم النسل، ومشروعيته وفقا للحاجة. والغريب انه مع دخول دار الافتاء المصرية على خط التوعية باهمية تنظيم النسل وجدنا هجوما من قبل أفراد وكتائب إلكترونية على موقع دار الافتاء عبر وسائل التواصل الاجتماعى تتهمها بوضع أحكام شرعية لصالح الدولة، او بمعنى أدق تفصيل فتاوى تحقق ما تدعو له الدولة من تقليل الزيادة السكانية، وهو امر بعيد تماما عن الحقيقة، ويعد نوعا من الافتراء والكذب.



ولتوضيح أن الهجوم على فتاوى الافتاء الخاصة بتنظيم النسل هو افتراء نقول: إن الفتاوى التى ظهرت لا تستند إلى دعوة خاصة بالدولة وإنما هى فتاوى تستهدف مقصدا من مقاصد الشريعة والدين وهى امتلاك القوة وتقديم النموذج الإيجابى الذى يؤكد ان الإسلام ليس دينا بعيدا عن واقع الناس واحتياجاتهم وإنما هو دين يتوافق مع الواقع، ويقدم حلولا فى كل زمان لمشاكل الناس الحياتية.. لاسيما فيما يتعلق يتحقيق معيشة كريمة لهم. إن الافتاء حددت فى ثلاث فتاوى مسألة تنظيم النسل حيث قالت فى الفتوى الأولى: «أن تنظيم النسل لا حرج فيه قياسًا على «العزل» الذى كان معمولًا به فى العهد النبوى وما بعده»، وهى بذلك تستند على فعل قام به الصحابة لعلة حياتية، وهى تنظيم أمور معيشتهم، مع أن المسلمين فى هذا الوقت ليسوا بالكثرة التى نحن عليها اليوم.

أما الفتوى الثانية فتقول: أن تنظيم النسل بسبب الخوف من حصول المشقة ليس منهيًا عنه شرعًا لأنه من باب النظر فى العواقب والأخذ بالأسباب»، وهى فتوى تتعايش مع واقع الناس وحاجتهم، ولا تطلب طلبا مباشرا بان يكون التنظيم أجباريا كما يدعى البعض. 

أما الفتوى الثالثة ففيها تؤكد دار الافتاء أن القول بمشروعية تنظيم النسل لا يجيز اللجوء للإجهاض بعد نفخ الروح بحجة أن الزوجين حاولا تنظيم النسل، وهذا تأصيل شرعى يؤكد الحرص على النفس البشرية مهما كانت الاسباب، ولو أن الأمر كما يدعى بعض من يفهمون الدين على اهوائهم بأن الافتاء تصدر فتاوى بعيدة عن الدين تحقيقا لتوجه الدولة لتقليل الزيادة السكانية لما اصدرت تلك الفتوى.

إن ما تصدره بعض الكيانات التى لديها عداء للدولة ومؤسساتها وبعض الأفراد الذين امتلأت أذهانهم بآراء تلك الكيانات، أو فهموا مقاصد الدين بصورة مغلوطة حول تنظيم الأسرة هو وافتراء وخلط وتشويه لا يصدر عن فهم حقيقى للدين، وان الاستناد لبعض الأحاديث كحديث:»سيدنا النبى تناكحوا تناسلوا فأنى مباه بكم الأمم يوم القيامة» دون فهم مقصده الذى قيل فيه لا يعد استنادا صحيحا.

وكلمة حق.. إن التنظيم فى كل شىء امر مطلوب.. وديننا دين النظام وتحقيق الرفعة والعلو، ولو أن العلو والنصر فى زيادة الأعداد.. لما تحقق للمسلمين الأوائل كل هذه الانتصارات التى خاضوها ضد اعداء الدين والبشرية وكانوا قلة بالنسبة لعدد من حاربوهم.. ولو ان زيادة الأعداد هو مقصد الدين لما وضعت الشريعة شرط القدرة البدنية والمالية لمن يقدم على الزواج استنادا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخارى ومسلم عن عبدالله بن مسعود ـ رضى الله عنه... 

ونقول لمن لا يريدون تقدما لبلدنا، أو من يفهمون الدين وفق اهوائهم أو بظاهر النصوص: عليكم ان ترجعوا إلى ربكم..  وتأخذوا العلم عن أهله بعيدا عن رؤيتكم الخاصة او اجندات كيانات مأدلجة..