الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تأشيرة د. الراعى وثورة العقاد!

تأشيرة د. الراعى وثورة العقاد!

كان الكاتب الكبير الأستاذ «عباس محمود العقاد» أحد نجوم الإذاعة المصرية التى حرصت على أن تكون محاضراته وأحاديثه للمستمعين إحدى المواد المهمة التى تقدمها للمستمع.



وفى عام 1957 نجح الأستاذ محمد أمين حماد مدير الإذاعة وقتها فى عقد اتفاق مع العقاد بهذا الشأن ونص الاتفاق على ما يلى:

أولًا: يلتزم الطرف الأول -العقاد- بأن يقدم للطرف الثانى -الإذاعة- سلسلة من الأحاديث الإذاعية لا تقل عن ستة أحاديث بمعدل حديث واحد كل أسبوعين فى الميعاد الذى يحدده الطرف الثانى، بحيث تكون مدة الحديث الواحد ربع ساعة تقريبًا.

ثانيًا: يقوم العقاد بتسجيل هذه الأحاديث على أشرطة أو أسطوانات لتذاع فى الوقت الذى تحدده الإذاعة.

ثالثا: للطرف الثانى -الإذاعة- الحق فى نشر الأحاديث موضوع العقد أو أجزاء منها فى مطبوعاته دون أى التزام آخر!!. وقد اعترض الأستاذ العقاد على هذا البند كتابة قائلا: لا أوافق على هذا الشرط!!

واحترم مدير الإذاعة رغبة العقاد وكتب يقول: أوافق على إعفاء سيادته من هذا الشرط!!

رابعًا: يتعهد الطرف الثانى أن يدفع للطرف الاول مبلغ 100 جنيه «مائة جنيه مصرى لاغير» مقابل تقديم هذه السلسلة من الأحاديث وتسجيلها وإذاعتها كيفما تشاء الإذاعة على أن يتم الدفع على دفعتين كل منهما 50 جنيهًا «خمسون جنيهًا مصريًا لاغير» تدفع عقب تسجيل كل ثلاثة أحاديث.

هذه التفاصيل وغيرها جاءت فى المجلد المهم عن الإذاعة المصرية تأليف الأستاذين أحمد كمالى وعمرو إبراهيم.

وبسبب أحاديث العقاد الإذاعية يتذكر د.على الراعى حكاية طريفة وكان يشغل منصبا فى قسم الأحاديث الإذاعية حيث يقول: كانت مهمتى فى قسم الأحاديث أن أقرأ النصوص المقدمة من الكتاب جميعًا صغيرهم وكبيرهم وأتأكد ألا شىء فيها يخرج عن سياسة محطة الإذاعة اللاسلكية للحكومية المصرية، ثم أوقع بما يفيد أن الأحاديث صالحة للإذاعة.

وهنا حدث شىء طريف حقًا فقد قرأت حديثًا للعقاد وكتبت على هامشه الأعلى عبارة «يصلح» وأيامها لم تكن الأحاديث تنسخ أو تصور، وإنما كان الحديث ينتقل من القسم إلى المذيع فيعطيه هذا لصاحبه فيقرأه، وحل حديث العقاد إليه وفوق رأسه عبارة «يصلح» فهاج الرجل وماج واعتبر العبارة إهانة كبرى، إذ كيف يجرؤ كائن ما على القول بأن الحديث يصلح فإن هذا أمر مفروغ منه فى كل ما يكتب العقاد، ووجود العبارة على رأس الحديث يحمل معه افتراضا أنه كان من الممكن ألا يكون الحديث صالحًا ومن ثم كانت الثورة الجامحة!!

لا أذكر كيف انتهت الأزمة وإن كنت افترض أن الإذاعة أكدت للعقاد أن ذاته مصونة لم تمس وأن الأمر كله لا يعدو تصرفًا من مذيع مبتدئ لا يدرى كيف يعامل كبار الكتاب. وما أكثر ذكريات نجوم الإدب والصحافة الإذاعية!!