الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
مفاجأة أدبية! المسحراتى بقلم العقيد القذافى!

مفاجأة أدبية! المسحراتى بقلم العقيد القذافى!

كنت أقلب فى مكتبتى الفوضوية عن أحد الكتب المهمة واكتشفت وجود كتابين للعقيد «معمر القذافى» رحمه الله، وتذكرت الضجة السياسية والأدبية التى أثارها ظهور الكتابين، والمقالات النقدية التى أشادت بما جاء فيها، والندوات التى عقدها «النخبجية» كمناقشة ما جاء فى الكتابين.



الكتاب الأول هو «تحيا دولة الفقراء» ويحتوى على أربع مقالات ويقع فى 66 صفحة ومنها مقال عنوانه «علينا أن ننتظر انتصارنا حتى ولو تأخر (360 عاماً) ومقال «الشيوعية لم تولد حتى  يقال إنها ماتت».

أما الكتاب الثانى فعنوانه طويل بعض الشىء ويتكون من سبع كلمات وهو «القرية القرية» الأرض الأرض وانتحار رائد الفضاء ويتضمن 12 قصة قصيرة كما جاء  فى فهرس الكتاب مع دراسة نقدية للكاتب الكبير الدكتور «أحمد إبراهيم الفقيه».

أحد هذه القصص عنوانها «المسحراتى ظهرًا»، وجاءت كما يلى:

كلنا نعرف المسحراتى ونحبه «حتى الأطفال كانوا يحبون شهر رمضان وينتظرونه بفارغ الصبر من أجل المسحراتى وصوته الموقظ للنيام، وطبله البسيط جميل الإيقاعات الرتيبة المصاحبة لذلك الصوت المألوف كل عام، وفى كل ليلة من ليالى رمضان الكريم، وكلنا يسمع تلك الدعوات الحسنة المحبوبة وننصت إلى مفرداتها الطيبة ويرددها الأطفال مدة طويلة، ونستخدمها فى المناسبات التى تنطبق عليها فنقول: «اصحى يا نايم كلما أردنا حث أحد على النهوض واليقظة! كافأ الله المسحراتى خيراً و جزاه أجرًا لجهده المتواضع ونداءاته المتكررة فى آخر الليالى المظلمة لإيقاظنا كي نتناول سحورنا ونستعد لصيام يوم قد يكون طويلاً.

إن المسحراتى شخصية فريدة نادرة ليس مثله كثيرًا بل إن المسحراتى إنسان منقطع النظير إلى أبعد حد وله قدرات لا تتوفر فى غالبية الناس ومسئولية المسحراتى مسئولية أدبية تتعلق بالضيمر والسريرة والإلزام الذاتى وهو حريص على إيقاظ كل نائم ويتجشم المتاعب ويقطع المسافات مشيًا على قدمه ويتخلل كل الأزقة والخلوات ليوقظ أصحابها.. وكم من عثرة تصادفه وكم من كبوة كباها نتيجة ذلك ولم ينقلب على عقبيه ولم يتعكر مزاجه، بل يمشى فى سبيله مسبحًا باسمه تعالى مواصلاً مسيره حتى يسمع صوته الجميع. العظيم أن المسحراتى لا يوقظه أحد فهو الذى يوقظ  النيام، فهو ليس مثل عامة الناس الذين يحتاجون إلى طبل ودعاء ودعوات، وتكرار حتى يصحوا نحن كلنا نستغرب فى شخص المسحراتى حقا من أيقظه حتى يوقظنا.. ألا ينام المسحراتى؟ طبعًا ينام.. المسحراتى بشر مثلنا يتعب وينام ويمرض أيضًا أو على الأقل يحتاج إلى النوم والراحة والعجيب أن يقظة المسحراتى تكون فى وقت النوم ويقوم بمهمته المقدسة تلك فى أوقات الاستغراق فى النوم وفى وقت الارتخاء والركون للراحة.

وعلى هذا النحو يمضى القذافى إلى أن يقول:

المسحراتى يتحرك ويبدع.. يدق الطبل ويدعو ويُسبح ويسبح، له أن يقول كل ما من شأنه إيقاظ النيام، وله أن يكرر النداء والدعاء، ولكن بأسلوب طيب يحبه حتى الأطفال ويحاولون حفظ تلك الدعوات لحلاوتها ويرددونها حتى ولو لم يفهموا معناها بعد، صوت المسحراتى ساحر كالسحر، وكالسحر فهو لا يستعين بمبكرات الصوت المزعجة المنفرة الصاخبة كتلك التى يستخدمها المؤذنون فى مالطا!!

 على أى حال فالمسحراتى نحبه أو نكرهه وحتى الذين يكرهونه لأنه يحرمهم من نوم الهزيع الأخير من الليل ويحثهم على الاستعداد ليوم الغد.. يوم الصوم يذكرونه بالخير بعد فوات الأوان.. هذا عن المسحراتى فى السحر ولكن ماذا عن المسحراتى ظهرًا. وهو ما لم يكتبه القذافى رحمه الله.