
عصام عبد الجواد
الخطر القادم
لم تقتصر جرائم تنظيم داعش الإرهابى فى العراق وسوريا وليبيا على ممارسة شتى صنوف التعذيب وسفك دماء الأبرياء وسبى النساء وهدم الإنسانية والرموز التراثية والحضارية فقط بل إن جرائم هذا التنظيم الشيطانى ومع جميع الأنظمة الإرهابية التى انشقت جميعها من جماعة الإخوان المسلمين تمتد للمستقبل فى جريمة اجتماعية وإنسانية بالغة الخطورة والتعقيد ممثلة فى أطفال جهاد النكاح.. هذه القضية الشائكة التى باتت آلاف الأسر التى تعرضت فتياتهن ونساؤهن للسبى والخطف والأسر على يد هذا التنظيم الذى لا يرحم وتعرضن لاعتداء أو من اشتركن فيما يسمى جهاد النكاح، ونتج عنه أطفال بلا هوية ولا نسب ولا شرعية قانونية حتى كتابة هذه السطور رغم القضاء على داعش فى العراق وسوريا ثم منذ أكثر من أربع سنوات.
وقبل أن نحاسب من ذهبت لتمارس جهاد النكاح لا بد من محاسبة من أفتى بجواز قيام المرأة بجهاد النكاح لأنه المتسبب الحقيقى فى هذه الأعداد الغفيرة من الأطفال مجهولى النسب والذين يقدرون بالآلاف وينحدرون لآباء غير سوريين أو عراقيين أو ليبيين وعلى رأس من أفتى بشرعية جهاد النكاح للإخوان المسلمين وإخوان تونس على وجه التحديد.
لذلك لا بد من تنسيق جهود المجتمع الإنسانى خاصة خبراء الشريعة والقانون وعلم الاجتماع لوضع حلول لمشكلاتهم الاجتماعية ومستقبلهم فهؤلاء الأطفال غير الشرعيين لا يعرفون شيئًا عن آبائهم وحتى عن أمهاتهم لأنهم نبت شيطانى مما يجعل منهم قنابل موقوتة فى وجه المجتمع الذى يعيشون فيه سواء فى العراق أو سوريا أو ليبيا، أو حتى بعض الأطفال الذين ولدوا فى تونس بعد عودة عدد من نساء تونس ممن ذهبن لممارسة جهاد النكاح وأنجبن بعد أن عدن إلى بلادهن.
ورغم تضارب التقارير والإحصائيات عن عدد هؤلاء الأطفال إلا أن هناك مصادر أكدت وجود عشرات الآلاف من هؤلاء الأطفال من بينهم ما يقرب من 25 ألف طفل غير شرعى وجدوا فى مدينة حلب بعد تحرير الجيش السورى لها من قبضة داعش بالإضافة لأكثر من عشرين ألف طفل غير شرعى وجدوا فى مناطق أخرى فى العراق مثل الفلوجة والحويجة والأنبار والموصل ومناطق أخرى عديدة بالعراق ونشأ هؤلاء الأطفال غير الشرعيين وهم لا يعرفون شيئًا عن آبائهم والبعض لا يعرف شيئًا حتى عن أمهاتهم وهم ثمرة ما عرف بجهاد النكاح وهؤلاء لا يملكون أية وثائق رسمية خاصة بهم وسيشكلون خطرًا كبيرًا على مستقبل هذه الدول وهو ما يعنى أننا سنواجه جيشًا من الجيوش المفترسة التى لا رابط بينها وبين الوطن أو الأهل ومن الطبيعى فى مثل هذه الحالات أن يتم استغلال هؤلاء الأطفال من قبل الجماعات الإرهابية من خلال تجنيدهم بطرق مختلفة.
الغريب فى الأمر حتى يتأكد المجتمع الدولى والإنسانى أن هذه الجماعات لا دين لها ولا أخلاق فقد كشفت دور الرعاية للأطفال فى ليبيا عام 2016 أنها استقبلت ما يقرب من 427 طفلًا وطفلة رضع مجهولى النسب كان قد تم تركهم فى الشوارع والمساجد وقد ثبت من خلال البحث والتحرى أن ميليشيات الجماعات الإرهابية هم المسئولون عن هذه الجرائم وأن هؤلاء الأطفال هم نتاج جهاد النكاح إلى جانب حالات الاغتصاب التى كانت تقوم بها تلك الجماعات لبعض الفتيات والتى كان فى عرف هذه الجماعات نوع من الترفيه للمقاتلين.
هؤلاء الأطفال رغم أنهم ضحايا إلا أنهم يحتاجون معاملة خاصة من الآن لأن ظهورهم فى المستقبل سيعد جيلًا جديدًا لا يعرف القيم العائلية والاجتماعية وليست له علاقة بالقيم الإنسانية مما يشكل خطرًا داهمًا على المجتمعات العربية والعالمية فى المستقبل القريب.