الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
محمود عوض يحاور زوربا اليونانى!

محمود عوض يحاور زوربا اليونانى!

الصدفة وحدها كانت سببًا فى لقاء الكاتب الكبير الأستاذ «محمود عوض» بالنجم العالمى «أنتونى كوين» بطل فيلم زوربا اليونانى و«فيفا زالاتا» وغيرها.



كان محمود عوض فى زيارة إلى نيويورك وهناك يتصل بصديق له ليعرف أخباره، فيخبره هذا الصديق أنه سيأتى إلى نيويورك فى مهمة عمل لتصوير فيلم سينمائى من إنتاجه بالمشاركة مع أنتونى كوين.

وهكذا شارك الصدفة المثيرة وفى اللقاء الأول  قال محمود عوض: مستر كوين دعنى أقدم نفسى إليك أنا أولاً كاتب ناشئ من مصر وموجود فى نيويورك بحكم الضرورة، وجئت اليوم بدعوة من صديقى «فؤاد» لكى أتعرف عليك عن قرب.. إن لم يكن لسبب فلأنى ساهمت بما يعادل ربع دولار فى نجاح فيلم «زوربا اليونانى» بمصر أرجو أن  تكون الشركة المنتجة للفيلم قد ذكرت لك هذا الربع دولار فى فاتورتك؟!

انفجر أنتونى كوين ضاحكًا وسأل: هل قلت أنك كاتب؟! وأجابه محمود عوض مصححًا: نعم كاتب لكننى قلت أيضًا أننى  كاتب ناشئ!

رد أنتونى كوين: لا يهم ناشئ أو غير ناشىء هذه دعابة لا يقولها كاتب ناشئ حقًا إننى أحسدك.

قال محمود متسائلاً: تحسدنى لأننى ناشئ؟! رد أنتونى كوين: لا.. لا أحسدك لأنك كاتب.. هناك ملايين من الناس يعرفون أننى أنا - أنتونى كوين - ربما أكون ممثلاً جيدًا أو مشهورًا، لكن ما لا يعرفه أحد هو أن طموحى الأساسى هو أنا أكون كاتبًا.. صدقنى هذه الحياة التى نعيشها فيها قوانين خفية تستعصى على الفهم.. الناس جميعًا يروننى ناجحًا ومشهورًا وثريًا.. مع ذلك فأنا الوحيد الذى يعرف أننى مازلت فقيرًا لسبب بسيط، هو أننى كنت أريد أصلاً أن أصبح كاتبًا.. أصبح مؤلفًا بل إننى فى سنوات فقرى المدقع وفرت دولاراتى القليلة لكى ألتحق بمدرسة خاصة لتعلم مهنة الكتابة والتأليف، أربعون دولارًا كاملة دفعتها من طعامى وقتها حتى أحقق هذا الحلم، فى النهاية قالوا لى فى المدرسة: لا حل.. دعك من حكاية الكتابة والتأليف وابحث لنفسك عن مهنة أخرى!

وسأله محمود عوض: مستر كوين أنت الآن ممثل ناجح وأفلامك رائجة بمستوى العالم.. مع ذلك مازلت تتكلم عن حلم مضى وبحرارة.. ألم يعوض نجاحك السينمائى كممثل عن فشل أحد أحلامك المبكرة!

تكهرب وجه أنتونى كوين وبدأ يتحدث فى المطلق كما لو أنه يناجى نفسه قال: الفارق الأساسى هو أن الممثل يعرف لحنًا وضعه موسيقار، الكاتب هو الموسيقار، هو المؤلف، أنا كممثل اختياراتى محدودة فى الأدوار التى أقوم بها على الشاشة أو فى المسرح، وفى نهاية المطاف أنا محكوم برؤية المؤلف وفى الغالب أقبل كممثل أداء أدوار قد لا أكون مؤمنًا بها لمجرد أن لدى أسرة ونفقات وأعباء مالية لن تنتظر حتى أخترع لنفسى الدور الذى أريد.. هذه هى هوليوود.. هى السينما!

ربما ترانى على الشاشة بطلاً لكننى فى الحقيقة كومبارس عبد!! أنا عبد للاستوديو وللشركة المنتجة ولشركة التسويق والتوزيع، أما المؤلف، الكاتب فشىء آخر تمامًا، الكاتب المؤلف هو الفنان الأصلى، أنا وغيرى نعرف فقط اللحن الذى وضعه هو، وحتى الآن لا يزال الجزء الحقيقى فى داخلى هو أن أؤلف لنفسى، أكتب لنفسى.

هذا الحوار الممتع رصده بقلمه الرشيق محمود عوض فى مقاله «زوربا: الحياة بالطول والعرض» وهو أحد فصول كتابه الممتع بالعربى الجريح، لكى يبقى درس أنتونى كوين وهو حلمه أن يكون كاتبًا»!!.