الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سر أخفاه إحسان عن روزاليوسف!

سر أخفاه إحسان عن روزاليوسف!

لم  يكن الكاتب الكبير «إحسان عبدالقدوس» يخفى شيئا عن والدته السيدة «روزاليوسف»، مهما كان هذا الشىء صغيرًا أو كبيرًا لكنه خرج عن هذه القاعدة مرة واحدة بسبب الشاعر والأديب صاحب الحظ السيئ «عبدالحميد الديب» ورغبة الأستاذ كامل الشناوى فى إيجاد عمل له بروزاليوسف!!



وصف كامل الشناوى عبدالحميد الديب بقوله: كان شاعرًا فنانا مرهف الحس ومع ذلك لم يستطع أن ينال حظه، كان بلا مأوى، بلا أمل، بلا عمل، وكان يحز فى نفسه أن الناس لا يعطفون عليه لأنه شاعر وإنما هم يعطفون عليه لأنه بائس فقير مريض ومن هنا كان يشعر بالمرارة إزاء الناس جميعا!!

ولقد خصص الكاتب الكبير يوسف الشريف - أحد نجوم روزاليوسف فصلا كاملا عن عبدالحميد الديب فى كتابه الممتع «صعاليك الزمن الجميل» والذى وصفه بأنه شاعر تعقبه النحس، ويروى هذه الحكاية المدهشة:

كان كامل الشناوى قد وجد وظيفة مصحح فى روزاليوسف عندما كانت تحت رئاسة الكاتب الكبير عباس العقاد، وبث فيه الأمل والتفاؤل وشحنه بطاقات من الصبر والحماسة وزوده بالغالى من النصائح، الأمر الذى ألهمه واحدة من عشرات القصائد التى مدح فيها «مصطفى كامل الشناوى - وهذا اسمه - وعشرات أخرى من قصائد القدح والهجاء كلما تخلى عنه أو سخر منه!!

ولكنه كعادته دومًا لم ينتظر فى عمله، وشرع يعدل ويعيد صياغة المقالات التى لا تروقه، وبعضها كان لمشاهير فى الفكر والسياسة والأدب، وعبثًا حاول «العقاد» أن يثنيه عن عمله هذا، وحثه على التفرغ لمهمة التصحيح فحسب لكنه كان يشعر فى دخائل نفسه أنه أكبر من كل هؤلاء وأكثر موهبة!

وخلال عمله فى قسم التصحيح تدخل فى أحد المقالات ونشر وكانت فضيحة بل وقضية أمام المحاكم ضد العقاد والسيدة روزاليوسف ولم يكن هناك مفر من فصله، فكان نصيبه ونصيبها قصيدة من هجائه الفاحش يستحيل نشرها!!

ومن هنا كان العقاد ينتفض غضبًا إذا جاء ذكر «الديب» فى حضرته بعد أن أصبح مضغة على أفواه الأدباء ورواد البارات وهو الشاعر الكبير الذى تهتز له العروش!!

وحكاية أخرى يرويها الأستاذ «يوسف الشريف» قائلا:

قال لى الأستاذ إحسان عبدالقدوس كنت قد أصبحت رئيسًا لتحرير روزاليوسف عندما دخل كامل الشناوى مكتبى وبصحبته «عبدالحميد الديب» يطلب له عملًا، ورغم علمى بما ناله العقاد من هجائه الموجع، إلا أنه لم يكن بوسعى أن أرفض له طلبًا فهو أستاذى الذى أدين له بكثير الفضل ولأن الديب على حد علمى يجيد الشعر لا الكتابة الصحفية خترت له العمل فى غرفة المصححين دون علم والدتى السيدة فاطمة اليوسف صاحبة المجلة التى كانت تدير دفتها بدقة وانضباط شديد، لكن الديب كثيرًا ما كان يتأخر فى الحضور أو يغيب أيامًا بلا اعتذار سابق أو لاحق..

وكثيرًا ما كان يحمل تحقيقًا لأحد المحررين أو مقالا لكاتب ويدخل مكتبى للاعتراض على بعض العبارات أو الآراء التى لا تروقه.. أو يبدى أسفه على مصير اللغة العربية ونحوها وصرفها الذى يجهله هذا الصحفى، أو ذاك الكاتب، ويرفض أن تمتد يده بالقلم لتصحيح الأخطاء قائلا:

يعنى عاوزنى يا إحسان أعمل من الفسيخ شربات؟!

وهكذا كان انتظامه فى العمل بمثابة محنة لزملائه المصححين الذين نالهم من لسانه السليط وسخرياته الموجعة وهجائه الشعرى ما أدى إلى اشتباكهم معه فى خناقات أو مشكلات لا حصر لها.

والحمد لله إنه انصرف إلى حال سبيله من تلقاء نفسه قبل أن تعلم والدتى بوجوده أصلا!! ودون أن ينالها وإياى ما يستحيل تداركه من شعره الهجائى الذى كان يرهب به خصومه وكل من ينصحه بالاستقامة والاعتدال!!

وللحكاية بقية