
أ.د. رضا عوض
الخديو إسماعيل باشا (1)
الخديو إسماعيل (31 ديسمبر 1830-1312 هـ/2 مارس 1895)، خامس حكام مصر من الأسرة العلوية، وذلك من 18 يناير 1863 إلى أن تم خلعه عن العرش السلطان العثمانى تحت ضغط كل من إنجلترا وفرنسا فى 26 يونيو 1879. فى فترة حكمه عمل على تطوير الملامح العمرانية والاقتصادية والإدارية فى مصر بشكل كبير ليستحق لقب المؤسس الثانى لمصر الحديثة بعد إنجازات جده محمد على باشا الكبير.
وهو إسماعيل بن إبراهيم باشا بن محمد على باشا. ولد فى 31 ديسمبر 1830م فى قصر المسافر خانه بالجمالية، اهتم والده إبراهيم باشا بتعليمه، فتعلم مبادئ العلوم واللغات العربية والتركية والفارسية، بالإضافة إلى القليل من الرياضيات والطبيعة وقد أرسله والده وهو فى سن الرابعة عشرة إلى فيينا عاصمة النمسا، لكى يعالج بها من إصابته برمد صديدي، وأيضاً لاستكمال تعليمه، وقد بقى فى فيينا لمدة عامين، ثم التحق بالبعثة المصرية الخامسة إلى باريس لينضم إلى تلاميذها، وفى باريس درس علوم الهندسة والرياضيات والطبيعة، كما أتقن اللغة الفرنسية تحدثاً وكتابة وتأثر بالثقافة والمعمار الفرنسى كثيراً، ثم عاد إلى مصر فى عهد ولاية والده إبراهيم باشا، وحين توفى إبراهيم خلفه فى الحكم عباس حلمى الأول، وقد كان الأمير إسماعيل على خلاف مع عباس الاول حاكم مصر بعد ابراهيم باشا، فسافر إسماعيل إلى الاستانة، وعينه السلطان عبد المجيد الأول عضواً بمجلس أحكام الدولة العثمانية، وأنعم عليه بالباشاوية، ولم يعد إلى مصر إلا بعد مقتل ابن عمه عباس وتولى بعده عمه محمد سعيد ولاية مصر. لقى الامير اسماعيل من عمه سعيد عطفاً كبيراً، وعهد إليه برئاسة (مجلس الأحكام) الذى كان أكبر هيئه قضائية فى البلاد فى ذلك الوقت، وأرسله سنة 1855 فى مهمة سياسية لدى الإمبراطور نابليون الثالث بشأن رغبة سعيد باشا من الدول الأوروبية فى توسيع نطاق استقلال مصر بعد اشتراكها مع الحلفاء فى حرب القرم، فأدى إسماعيل تلك المهمة بما امتاز به من ذكاء ولباقة، ووعده نابليون الثالث بتأييد مقترحه فى مؤتمر الصلح بباريس، ولكنه لم يحقق وعده، وكذلك قابل البابا بيوس التاسع. ثم أرسله سعيد باشا فى جيش تعداده 14000 إلى السودان وعاد بعد أن نجح فى تهدئة الأوضاع هناك.بعد وفاة محمد سعيد باشا فى 18 يناير 1863 حصل على السلطة دون معارضة، وذلك لوفاة شقيقه الأكبر أحمد رفعت باشا ومنذ أن تولى مقاليد الحكم ظل يسعى إلى السير على خطى جده محمد على والتخلص تدريجياً من قيود معاهدة لندن 1840، وفى 8 يونيو 1867م أصدر السلطان عبد العزيز الأول فرمان منح فيه إسماعيل لقب الخديوى مقابل زيادة فى الجزية، وتم بموجب هذا الفرمان أيضًا تعديل طريقة نقل الحكم لتصبح بالوراثة لأكبر أبناء الخديو سنًا، كما حصل فى 10 سبتمبر 1872 م على فرمان آخر يتيح له حق الاستدانة من الخارج دون الرجوع إلى الدولة العثمانية، وفى 8 يونيو 1873 م حصل الخديو إسماعيل على الفرمان الشامل الذى تم منحه فيه استقلاله فى حكم مصر باستثناء دفع الجزية السنوية وعقد المعاهدات السياسة وعدم حق فى التمثيل الدبلوماسى وعدم صناعة المدرعات الحربية.