
عصام عبد الجواد
تفجير البراءة
لا يدخر تنظيم داعش الإرهابى وسعًا فى القضاء نهائيًا على براءة الأطفال، فبعد مرور عدة سنوات على ظهور هذا التنظيم البشع والذى لم يكن له مثيل من قبل فى تاريخ الإنسانية إلا جيش التتار، تظهر لنا التقارير والدراسات التى تمت على تنظيم داعش بعد القضاء عليه أنه تنظيم دموى من الدرجة الأولى وليس له قلب أو حس أو ضمير فهو تنظيم ضد الإنسانية وضد الحياة وضد البراءة.
هذا التنظيم تفنن فى قتل البراءة ودفنها وبدلًا من إرسال الأطفال إلى الحدائق والمتنزهات أو يرسلهم إلى مراكز الفنون والإبداع فهو يرسلهم إلى القتل والتفجير وليس هناك أصعب من قصة الطفلة فاطمة السورية البالغة من العمر 7 سنوات التى هزت مشاعر العالم أجمع بعد تداول صورها ومقاطع فيديو لها ولوالديها الذين تحولوا إلى بشر غير البشر، فالحيوانات فى الغابات لها قلوب ومشاعر أما هؤلاء فقلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة، والد فاطمة يسمى «أبو نمر» من غوطة دمشق وهو معروف كعضو سابق فى جبهة النصرة، وله طفلتان إحداهما فاطمة 7 سنوات وشقيقتها أصغر منها بعدد قليل من السنوات والأب الإرهابى اتفق مع أم الطفلتين أن يقوم بلف حزام ناسف على جسد الطفلتين النحيلتين للقيام بعملية تفجر انتحارى فى أحد مراكز الشرطة السورية بدمشق بعد أن أقنعهم بأنهم سوف تذهبان إلى الجنة وأنه قادم إليهما فى أقرب وقت مع والدتهما.
وخرج وفى يده الطفلتين وتركهما بالقرب من قسم شرطة الميدان بالعاصمة دمشق وبعد أن حدث انفجار هائل داخل القسم تبين خلاله مقتل الطفلة وإصابة ثلاثة من رجال الشرطة وتبين من التحقيقات أن الطفلة التى فجرت نفسها فى قسم شرطة الميدان أنها كانت ترتدى حزامًا ناسفًا تم تفجيره عن بعد وهو ما يدل على أن الأب صاحب القلب المتحجر هو الذى ضغط على الريموت وكان فى طريقه للضغط على الريموت الآخر لتفجير الحزام الذى ترتديه طفلته الثانية إلا أنها خرجت مسرعة من أمام باب القسم فلم يستطع تفجيرها.
الغريب فى الموضوع والذى يندى له الجبين أن والد الطفلة ووالدتها قد ظهرا فى أكثر من فيديو مصور وهم يتفاخرون ببنتهم التى فجرت نفسها فى قسم شرطة الميدان والأم تؤكد أن ابنتها قامت بغزوة الميدان والأب فى شريط آخر قبل التفجير كان يحمل الطفلتين بين ذراعيه وحول وسط كل واحدة منهما حزام ناسف وهو يشير للكاميرا كيف أنه أقنع أطفاله بأن يقوموا بعمليات التفجير وأنه وهب أطفاله إلى الله، لذلك دفعها لتنفيذ العملية الانتحارية فى قسم شرطة الميدان بدمشق.
هذا العمل الخسيس الدنيء الذى لا يوجد فى قاموس الإنسانية اتخذه تنظيم داعش ركيزة لتنفيذ عملية مما يثبت كل يوم أنه تنظيم إجرامى بكل المقاييس لا يقل عن جيش التتار فى أى شىء.
فالتقارير أثبتت أيضا كيف استخدم هذا التنظيم الأطفال فى العمليات الانتحارية بعد ذلك بعد أن قام طفلان أحدهما 12 عامًا والآخر 14 عامًا بتفجير نفسيهما فى مدينة ديلول فى «كردستان تركيا» مستهدفين حفل زفاف مما تسبب فى مقتل 57 شخصًا، وقد أعلن التنظيم الإرهابى وقتها أن هناك أكثر من 40 طفلًا قد نفذوا عمليات تفجيرية باستخدام الأحزمة الناسفة فى العراق وسوريا، وقد امتدت هذه العمليات لتمثل تنظيمات إرهابية أخرى فى أفغانستان والصومال ونيجيريا وغيرها من التنظيمات الإرهابية المنتشرة حول العالم وما زالت تنظيمات شباب المجاهدين فى الصومال تستخدم الأطفال فى عمليات للتفجير، وكذلك جماعة بوكو حرام فى نيجيريا التى تضع الأطفال هدفًا أساسيًا لها فى كل العمليات الإرهابية، وعملية استخدام الأطفال فى عمليات التفجير اخترعتها تنظيم داعش لأنها أكثر دقة وأكبر دموية وأن هؤلاء الأطفال يصعب رصدهم قبل تنفيذ الحادث، الأمر الذى جعل أغلب الحكومات حاليا يجرون عمليات تفتيش وتحقيق كبير حول هؤلاء الأطفال قبل تنفيذ عملياتهم.