الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عبدالرحمن الشرقاوى وانطباعات تليفزيونية!

عبدالرحمن الشرقاوى وانطباعات تليفزيونية!

رحل الكاتب الكبير الأستاذ «عبدالرحمن الشرقاوى» عام 1987 وقبل ظهور آلاف المحطات الفضائية ويشاهد ما يحدث بها، ولم يكن فى زمنه سوى ثلاث قنوات مصرية هى الأولى والثانية والثالثة.. وكثيرًا ما كان ينتقد بمحبة بعض ما يراه خاصة نطق المذيعات فى حوارهن مع الضيوف.



وكان مقاله الأسبوعى على صفحات الأهرام حافلاً بنماذج من هذه الأخطاء وخطورة دور التليفزيون، وفى كتابه «مختارات من مقالات الأهرام» يكتب قائلاً: 

قديمًا كان للكلمة دور خطير، وما زال للكلمة المكتوبة دورها ولكن هذا الدور يتضاءل كلما زاد عدد السكان وارتفع مع هذه الزيادة عدد الذين يجهلون القراءة والكتابة.

وفى زمن ما كانت القراءة هى أهم وسائل الثقافة ولكن الناس إلا قليلاً أصبحوا لا يجدون الوقت الكافى للقراءة لانشغالهم بأمور المعاش ومواجهة قسوة متطلبات الحياة ولارتفاع ثمن الكتاب، وإما لأن مشاهدة التليفزيون تستولى على معظم أوقات الفراغ، حتى لقد تعود أفراد الأسرة أن يجلسوا أمام شاشة التليفزيون وينغشلوا بها، جيدًا كان ما تعرضه أم رديئًا!! وما عاد أفراد الأسرة يتحدثون إلى بعضهم البعض كما كان يحدث قديمًا إلا إذا استطاعوا أن يتغلبوا على الرغبة فى مشاهدة التليفزيون.

ومن هنا يتحدد دور التليفزيون لأنه أوسع هذه الوسائل انتشارًا وأعمقها تأثيراً فهو يدخل البيوت بكل عوامل الجذب من صوت وصورة وألوان.

فلينهض التليفزيون بدوره الثقافى فهو أخطر أجهزة النشر وفى مقدوره أن يرتفع بالذوق العام أو أن يهبط به.

كان قضية اللغة العربية ونطقها تلح كثيرًا على كتابات الأستاذ «عبدالرحمن الشرقاوى» فيكتب متسائلاً:

أيمكن أن يبقى المسئولون عن التليفزيون فى فرنسا أو انجلترا مثلا على مذيعة لا تحسن النطق بلغتها وتفسد جمال هذه اللغة بالتأود والتكلف ومضغ الحروف، إن مذيعة التليفزيون مثل يقلده الصغار.. فلننقذ لغة صغارنا من هذا الوباء! وليتخذ المسئولون فى التليفزيون موقفًا حاسمًا من هذا العبث، وليكافئوا المجيدات من المذيعات الحريصات على سلامة النطق واحترام النفس، وقارئات أخبار التليفزيون جديرات بالتحية والاحترام والمكافأة. ويكتب الشرقاوى فى مرارة بالغة: «وما نعرف لغة يخطئ فيها أهلها كما نخطئ نحن العرب فى لغتنا، ولقد أوشكت بعض حروفها أن تنطمس كالطاء والدال، والتاء والضاد.. إلخ فهى على ألسنة بعض المذيعات تتحول من باب الدلال إلى حروف أخرى تختلط بالشين والجيم المعطشة!.

والأمر لا يقتصر على الأخطاء الجسيمة فى النطق ولكنها تمتد إلى أخطاء أشد جسامة فى قواعد اللغة والتعبير!!

ولم يكتف الأستاذ «الشرقاوى» بذلك بل طالب المجلس الأعلى لاتحاد الإذاعة والتليفزيون بتشكيل لجنة للارتفاع بمستوى البرامج جميعًا على غرار لجنة الارتفاع بمستوى الأغانى التى يرأسها الفنان الكبير «محمد عبدالوهاب» ويضيف قائلاً: إن فى مثل هذه اللجان ضمانات للارتفاع بالمستوى الفنى والفكرى والتحرر من سيطرة الابتزاز وسلطان المصالح الفاسدة وإرهاب التكتلات، فلنترك الراغبين فى الإصلاح يعملون فى هدوء وأن يراعوا مصلحة المشاهد فحسب.

وما أكثر القضايا التى تتعلق بالتليفزيون التى ناقشها الأستاذ «الشرقاوى» بجرأة وصدق.