الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روزاليوسف جعلته ممثلاً!

روزاليوسف جعلته ممثلاً!

ربما لا يعرف الكثيرون من محبى تاريخ الفن من هو المسرحى الكبير الأستاذ «فتوح نشاطى» لكنهم يعرفون بالتأكيد شخصية المايسترو «عزيز» فى فيلم «شارع الحب» بطولة عبدالحليم حافظ وصباح أنه هو «فتوح نشاطى» الذى قضى خمسين عامًا فى خدمة المسرح، وهو عنوان مذكراته المهمة والممتعة وفى هذه المذكرات يكشف عن دور مهم ورئيسى لعبته السيدة «روزاليوسف» فى بدايته الفنية!



كان الشاب «فتوح نشاطى» قد وقع فى عشق وغرام المسرح منذ شاهد «جورج أبيض» ثم تكوينه لفرقة مسرحية صغيرة، وبلغت هواية التمثيل عنده حد الهوس ويقول فى مذكراته: ما أن وافى عام 1923 حتى تطايرت الشائعات فى الأوساط الأدبية والفنية عن قرب تكوين فرقة مسرحية جديدة على رأسها شاب من الوارثين يدعى «يوسف وهبى» وكان بعض ممثلى هذه الفرقة الوليدة يندسون بين صفوفنا فى مقهى راديوم فيحملون إلينا أنباء متضاربة عن سير بروفات «المجنون» و«غادة الكاميليا» وعن جهود المخرج الكبير «عزيز عيد» وعن الممثلة القديرة روزاليوسف وما يرتقبون لها من نجاح عظيم فى دور غادة الكاميليا.

وأقبل المثقفون على مشاهدة مسرحيات الفرقة الجديدة إقبالاً منقطع النظير لكن بانقضاء الموسم الأول خابت آمال الكثيرين منهم، ولولا تقديم غادة الكاميليا التى وجد فيها النظارة مستوى رفيعًا لتوقفت الفرقة عن العمل.

ويكمل فتوح نشاطى قائلاً: وشيئًا فشيئًا توثقت علاقاتى بأهل الفن وعلى رأسهم «روزليوسف» وزكى طليمات - زوج السيدة روزاليوسف - وأحمد علام ومنظم مسرح رمسيس «على هلالى» وغيرهم، وقادنى قدرى ذات يوم من أيام الشتاء عند الغروب إلى منزل الصديق «زكى طليمات» بشارع جلال، فإذا به فى حجرة مكتبه يراجع دروس اللغة الفرنسية التى كان يعمل على إتقانها استعدادًا للسفر إلى فرنسا فى بعثة للإخراج، وفى غرفة أخرى كانت تجلس السيدتان «روزاليوسف» و«سرينا إبراهيم» أرضا حول منقد تشويان فوقه كيزان الذرة وتستدفئان.

دعتنى السيدة روزاليوسف إلى الجلوس معها فجلست وأخذنا نتبادل أحاديث الفن الشهية، وعلى حين بغتة أظهرت «روزا» امتعاضها من اضطرارها إلى مغادرة جلستنا اللطيفة الدافئة والنزول فى هذا الزمهرير لتمثيل دور لا تحبه: دور الفتى «روبير» فى رواية» الأب ليبونار» ويرتفع صوت زكى طليمات من حجرة المكتب المجاور قائلاً الدور اللى مش عاجبك ده يا روزا أتمنى لو أمثله!

فتقول روزا «الدور ده ما يصلحكش يا أبو الزيك.. يصلح لفتوح!

 وتقع هذه الكلمات فى نفسي وقع النار فى الهشيم وأسألها فى لهفة: صحيح الكلام ده يا مدام روزا؟!

فتؤكد لى إيمانها بما قالت، حينئذ أعرض عليها مازحًا القيام بتمثيل الدور فى نفس تلك الليلة لأستوثق من جدية كلامها فتسارع «روزا» بتقديم «نوت» الدور لى متمنية لى التوفيق ولكن مسكة من عقلى جعلتنى استمهلها إلى الأسبوع التالى حيث أكون قد استظهرت الدور فقبلت على التو وهذا ما تم بالحرف الواحد.

وفى ليلة الأحد من الأسبوع التالى وكانوا قد أعلنوا عن «الأب ليبونار» سأل عزيز عيد وقد بلغت الساعة الثامنة والنصف عما إذا كانت «روزاليوسف» قد حضرت؟ فأجابه منظم المسرح «على هلالى» بأنها لن تحضر لوعكة طارئة ألمت بها، وإنها أوفدت بدلاً منها أحد الهواة لتمثيل دورها، فكاد الرجل يصعق واستهول أن يقوم أمامه بأداء هذه البطولة مجهول من الهواة.

وينجح فتوح نشاطى نجاحًا مذهلاً مما ترتب عليه تعيينه فى فرقة رمسيس ليشارك فى مسرحية راسبوتين وتبدأ رحلته مع الفن والمجد والحياة!.