
عصام عبد الجواد
غسل الأدمغة
اتجهت الجماعات الإرهابية المتطرفة إلى طريقة غسل الأدمغة خاصة للأطفال الصغار، وهى الطريقة التى اتبعها ونفذها بشكل دقيق تنظيم داعش الإرهابى حتى يستطيع أن يرسخ الولاء لدى الجيل الثانى من هؤلاء الصغار، وحسب دراسة أعدها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أكدت أن داعش أقدم على تلقين الأطفال عقيدته بما يسمح بترسيخ الولاء لدى الجيل التالى من هؤلاء الصغار، وقام بتقسيم الكتب الدراسية إلى شقين الأول يتناول كيف يتطرق التنظيم إلى الموضوعات التقليدية المرتبطة بدراسة العلوم الدينية كالقرآن والحديث والعقيدة والقانون والفقة حيث تقوم جميعها بتحديد مزايا الإيمان والممارسة فى الإسلام، أما الشق الثانى فله علاقة بموضوعات أخرى كالاستعداد الجسدى والتاريخ والجغرافية والرياضيات التى تشكل موضوعات ثانوية بالنسبة للهوية الإسلامية للتنظيم.
وتشرح هذه الكتب الفارق بين المؤمنين وغير المؤمنين المنافقين الذين يتعاونون مع الغرب وأيضا الفارق بين المؤمنين والكافرين وفى هذه الكتب يبرز التنظيم الممنهج العنفى الذى يتخذه ويزعم أن القتل ضرورى لأغراض دينية ويستخدم داعش هذه الكتب وفق معهد الدراسة بهدف تشويه نظرة الأطفال إلى العالم بشكل عام، كما أنها تؤكد على واجب فرض السلطة الدينية ومحاربة المسلمين الذين يعصون الشريعة الإسلامية، كما أنها تحظر أى شكل من أشكال الحكم القائمة على المنطق البشرى ويختلف عن شريعة الله.
وفى إحدى هذه الكتب التى درست للأطفال تؤكد ضرورة طاعة الخليفة وأن أى شخص يعطى أوامر الحاكم يعتبر كافرا، وبعد فترة من الدراسة وبعد أن يتأكد التنظيم من ولاء هؤلاء الأطفال له كان يقوم بعمل اختبار غريب جدا لهؤلاء الأطفال حتى يضمن ولاءهم، فكان التنظيم يشجع هؤلاء الأطفال على الإبلاغ عن أفراد أسرتهم أو الجيران الذين ينتهكون قوانين داعش أو الذين ينتقدون دولته المزعومة فتحول هؤلاء الصغار بعفوية شديدة إلى جواسيس ضد أقرب الناس إليهم.
وقام التنظيم بعمل جلسات نفسية للأطفال الصغار على ألا يتأثروا أبدًا بالموت وكانت الجلسات تتم فى فصول المدرسة، وأثناء تلك الجلسات يتم عرض شرائط فيديو لأعمال صلب ورجم وقطع للرؤوس، وفى المرحلة الأخيرة من التدريب يؤمر الأطفال بقتل السجناء.
وهذا التنظيم الدموى الهمجى كان يضع خططا محكمة لهؤلاء الأطفال فهو كان يعلم نفسية الأطفال لذلك كان يلجأ فى البداية لجذب هؤلاء الأطفال الجارى تجنيدهم بتقديم الألعاب والحلوى بمجرد حضورهم فى البداية، بالإضافة إلى توفير الاختلاط الاجتماعى بشكل تدريجى خلال الفاعليات العامة.
وحتى نعرف ونتأكد أن هذا التنظيم هو الأخطر فى تاريخ الإسلام بل والأخطر أيضا فى تاريخ البشرية بأنه كيف استطاع هو والتنظيمات الإرهابية الأخرى بتحويل الأطفال عن طريق غسل الأدمغة إلى آلات قتل بشرية، من خلال مقابلة أجرتها فى وقت سابق وكالة رويتر للأبناء مع عماد حسين أحد متشددى تنظيم داعش الذى اعترف بأنه انضم إلى تنظيم القاعدة للمرة الأولى فى سن الرابعة عشر، ولأن بعد سبع سنوات استطاع أن يغتصب أكثر من 200 امرأة من الأقليات العراقية وتسبب بمقتل نحو 500 شخص، وبالتالى تؤكد وضع برامج لإعادة إدماج الأطفال الذين نشأوا فى ظل تنظيم داعش فى البلاد التى مزقتها الحروب كسوريا والعراق وليبيا، إذا كانت هناك جدية فى تجنب الموجة المقبلة من المتطرفين الإرهابيين الشباب.