الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إسماعيل باشا (3)

إسماعيل باشا (3)

كان إسماعيل باشا محبًا لبلاده، وراغبا فى تقدمها، عاملا على أن يسير بها فى مضمار الحضارة والعمران، وساعيًا فى توسيع ملكها وإعلاء شأنها. 



فعن النهضة العسكرية عنى بقوة البلاد الحربية بتنظيم الجيش وإنشاء المدارس الحربية العالية وتسليح الجند بأحدث الأسلحة، وتزويد الحصون والقلاع بالمدافع الضخمة، ووصل عدد الجيش إلى مائه الف مقاتل مسلحين بأحدث الأسلحة المنتجة فى العالم وقتها، ووجه أيضًا همته إلى إنهاض البحرية المصرية حربية كانت أو تجارية وقام باستكشاف الجهات التى قُرب منابع النيل الأبيض والبلاد الواقعة على بُعد درجتين شمالى خط الاستواء، وأعلن رسميًّا إلحاق المقاطعات الاستوائية بالحكومة المصرية سنة (١٢٨٨ﻫ/١٨٧١م)، وضمِّها إلى الحكومة المصرية، وكان أينما حل يؤسس بِاسم مصر نقطًا عسكرية لمنع تجارة الرقيق..  وفتوحات الجيش المصرى فى إفريقيا  تعد من أهم وأعظم الحروب التى خاضها الجيش المصرى، وأصبح الساحل الإفريقى للبحر الأحمر بأكمله  تحت السيادة المصرية.

على الرغم من الإصلاحات العديدة التى أقيمت فى عهده، كان الموقف السياسى فى آخر عهده ضعيفا، وتنافست كل من انجلترا وفرنسا فى بسط النفوذ الأجنبى فى مصر وذلك بسب الموقف المالى السيئ لها بعض القروض المالية التى استدانتها مصر من الدولتين، ولم تكن إنجلترا ترمى إلى النفوذ المالى فقط، بل كانت تقصد التدخل السياسى أيضا، فأرسلت كل من الدولتين مندوبا لها لدى الخديو للوقوف على الموقف المالى وكيفية تسديد الديون، وقامت الحكومة الانجليزية بنشر التقرير المالى بناء على توصية رئيس الوزراء البريطانى فى ذلك الوقت (دزرائيلى) اليهودى وأدى ذلك إلى نزول أسعار السندات المصرية نزولًا هائلًا وتفاقم الأزمة المالية فى مصر. ومرت مصر بأزمة مالية طاحنة اضطر معها الخديو إسماعيل إلى بيع حصة مصر من أسهم القناة لبريطانيا بمبلغ 100 مليون فرنك فى 25 نوفمبر 1875. وبذلك حلت الحكومة البريطانية محل المصرية فى ملكية شركة قناة السويس. ولكن الأزمة المالية لم تنفرج، وكان إسماعيل باشا يعارض بشدة التدخل الأجنبى، فقررت الدولتان التخلص منه, وتحت ضغط كل من قنصلى إنجلترا وفرنسا على السلطان العثمانى عبدالحميد الثانى أصدر فرمانًا بعزل الخديو إسماعيل فى 26 يونيو 1879م وإسناد منصب الخديوية المصرية إلى صاحب السمو الأمير توفيق باشا،

وقد كان الخديو إسماعيل عظيمًا فى موقفه، شجاعًا فى محنته حيث غامر بعرشه فى سبيل مقاومة الدول الأوروبية، فلو هو ارتضى الذل، وأذعن لمطالب الدول، وقبل عودة الوزيرين الأوروبيين يسيطران على حكومة مصر ومصيرها، ما فقد عرشه. 

 وغادر الخديو إسماعيل مصر فى (30 يونيو 1879) إلى نابولى بإيطاليا، ثم انتقل بعدها للإقامة فى الأستانة.

وتوفى فى 2 مارس 1895 فى قصر إميرجان فى إسطنبول مقر اقامته بالمنفى ويعتبر عهده  بحق مكملا لمرحلة النهضة الحديثة لمصر والتى بدأها محمد على باشا الكبير.