
عصام عبد الجواد
عدم الالتزام
الأجهزة الرقابية والأمنية فى الدولة تبذل مجهودًا جبارًا ليل نهار فى مواجهة المخالفات الصارخة والخروج على القانون والتى يرتكبها البعض دون أى إحساس بالمسئولية ودون أى وازع من ضمير أو أخلاق، والعجيب أن حجم هذه المخالفات اليومية يصل إلى مئات الآلاف من المخالفات المتنوعة ما بين مخالفات المرور ومخالفات الإشغالات التى تقوم البلدية بتحريرها يوميًا هى الأخرى من خلال استغلال الباعة الجائلين وأصحاب المحلات والعديد من المواطنين لأرصفة الشوارع وإلقاء القمامة فى الميادين حتى الميادين العامة منها بطريقة عشوائية وانتشار الضوضاء وتجاوز السرعة على الطرق السريعة وداخل المدن وحتى فى الشوارع الضيقة لدرجة جعلت البعض يلجأ لإقامة مطبات عشوائية، أيضًا فى الشوارع بالإضافة أيضًا إلى السير عكس الاتجاه.
وحتى فى الأسواق سواء كانت أسواق جملة أو أسواق قطاعى، ففى أسواق الجملة زادت حدة الاحتكار، وفى الأسواق القطاعى رفع التجار الأسعار بشكل مبالغ فيه فى بعض السلع دون رابط وحتى فى التعليم لم يلتزم أحد من المدرسين الذين دأبوا على الدروس الخصوصية بقرار الوزير بوقفها بل كانت إجراءات انتشار وباء كورونا فرصة لهم لزيادة عدد الحصص ورفع أسعارها مما كبد أولياء الأمور أموالًا طائلة، خاصة أن أبناءهم لم تتح لهم الفرصة لتلقى الدروس فى مدارسهم التى أغلق أغلبها بسبب الوباء اللعين.
وما زاد على ذلك أن المصريين يعرفون جيدًا خطورة انتشار وباء كورونا إلا أنهم لم يلتزموا بالإجراءات الاحترازية التى فرضتها الدولة، فالمقاهى فى أغلب الأحياء الشعبية والقرى كما هى تفتح أبوابها للمترددين عليها وتقدم لهم الشيشة وكأن شيئًا لم يكن ولم يلتزم أحد بمواعيد الإغلاق إلا من رحم ربى.
ولا أحد يعرف السر وراء عدم التزام العديد من المواطنين بالقانون أو بالنظام وهل هذا يرجع إلى الاستهانة بالقانون وباللوائح؟ وأن البعض من الناس يصابون بإدمان المخالفات دون ضابط أو رابط أو أنهم يتلذذون بمخالفة تلك القوانين واللوائح حتى لو كانت على حساب الآخرين.
إن هذه السلوكيات الخاطئة لا تؤثر على الأطلاق على مرتكبيها وحدهم بل تمتد لتؤثر على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على المدى القريب والبعيد.
فهل مطلوب من الدولة مراجعة القوانين واللوائح وفرض قوانين جديدة حازمة فى وجه عدم الالتزام.
البعض يؤكد أن الأجهزة الرقابية والأمنية عليها دور كبير ونحن من خلال متابعتنا اليومية نقر بأن هذه الأجهزة تقوم بدورها على أكمل وجه، خاصة عندما تعرف أن حجم المخالفات اليومية التى تحررها تلك الأجهزة يصل لآلاف بل لمئات الآلاف من المخالفات ومع ذلك يستمر البعض فى ارتكابها.
إننا نحتاج إلى ثقافة جديدة، وفكر جديد يجعلنا ملتزمين بالقوانين واللوائح وفوق كل ذلك نكون ملتزمين أمام بعضنا البعض بأن لا يأخذ أحد حق أحد فى العيش دون مخالفات وعلى مؤسسات الدولة الدينية والإعلامية والتعليمية والثقافية والاجتماعية أن تتضافر فى شرح ملامح هذه الظواهر الخطيرة التى لا تتناسب على الإطلاق على ما تقوم به الدولة من تطوير وبناء دولة حديثة قوية.