الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصطفى وعلى أمين بقلم روزاليوسف!

مصطفى وعلى أمين بقلم روزاليوسف!

كان شرط الموهبة والكفاءة لا الواسطة والمحسوبية هو باب الدخول إلى عالم مجلة «روزاليوسف» فقط لا غير!



وتقول السيدة روزاليوسف فى مذكراتها البديعة:

«بدأت روزاليوسف تجتذب عددا كبيرا من الشبان الناشئين الذين يحلمون بمستقبل لامع فى عالم الصحافة ويريدون أن يبدأ حلمهم فى روزاليوسف، والصحف عادة تستقبل سيلا لا ينقطع من هؤلاء الشباب ولكن النجاح لا ينتظر كل واحد منهم بسهولة، فالقليل منهم هو الذى يجىء وفى قلبه وعقله بذرة النجاح والقليل من الذين يحملون بذرة النجاح يعرفون طريق هذا النجاح فيثابرون عليه ويتعبون له ولا ييأسون حين تحوطهم المصاعب أو يطول بهم الطريق!

وكنت أفرح حين أرى هؤلاء الشباب يأتون إلى المجلة وأرى هذه الآمال تبرق فى عيونهم، ولى فى هؤلاء الشباب نظرة لا تخطئ، أتبين منها على الفور من لديه الاستعداد للنجاح ومن هو غير أهل له!»

وقد لفت نظرى من المترددين شاب طويل ضخم بشكل ملفت، عيناه صغيرتان لامعتان تتحركان بسرعة عجيبة.. كأنهما تبحثان دائما عن شىء صالح للالتقاط، وكان هذا الشاب يدخل المجلة متلفتا هنا وهناك وهو يسرع الخطى إلى حجرة الأستاذ التابعى، يدفع إليه بعض الأخبار ثم يمضى! وكان يرانى فى بعض الأحيان وهو خارج فينكس رأسه ولا يحييني، ولمحت فيه بوادر هذا الاستعداد فسألته وهو خارج فى إحدى المرات: ما اسمه؟! فقال: مصطفى أمين!!

ثم عرفت أنه تلميذ فى المدارس يهرب من مدرسته ليتصيد الأخبار ويحملها إلى المجلة ويملك سيارة صغيرة جدا.. عتيقة جدا يستعملها فى الجرى وراء الأخبار ومصطفى مخبر بالسليقة، وله العين اللماحة والأنف الحساس والإصرار على هذا الوصول وهو منذ اللحظة الأولى يحلم بامتلاك دار صحفية كبيرة، ويعمل لذلك.

وكان مألوفًا منه أن يسافر بسيارته سفرا بعيدا لكى يحصل على خبر ويعود فى نفس اليوم، أذكر أننى سألته يوما إلى أين هو ذاهب فقال: إنه ذاهب إلى الإسكندرية لأن سيدة تنتظره فى ميدان المنشية لتعطيه خبراً.

وكان أول باب ثابت حرره مصطفى بابا عن الطلبة بعنوان «لا يا شيخ» وقد عارض الأستاذ التابعى فيه أول الأمر معارضة شديدة حتى أقنعته به، وكان سرور مصطفى بهذا الباب عظيمًا.

وعلى أمين هو النصف الثانى لمصطفى الذى لا ينفصل عنه فلم يكد مصطفى يشق طريقه قليلا ويصبح له مكان فى المجلة حتى أشرك معه «عليا»!

وكان مصطفى أمين بالذات أكثرهم نشاطا وأكثرهم إصرارا على النجاح، وكان تفوقه عليهم ظاهرًا، وظل يعمل فى روزاليوسف ثلاث سنوات قبل أن يصبح له مرتب، لم يأخذ خلالها إلا عشرة جنيهات كانت لها قصة طريفة.. إذا اشتركت معه فى شراء عشر ورقات يا نصيب المواساة ولم يحدث فى حياتى أنه كسبت شيئا من يا نصيب أو مراهنة، ولكن إحدى هذه الورقات كسبت عشرة جنيهات، فقررت أن أتركها كلها له رغم معارضته الشديدة - مكافأة على نشاطه أنفقها فيما أذكر على إصلاح سيارته العتيقة!

وبعد هذه السنوات الثلاث جعلت له مرتبا ثمانية جنيهات شهريا على أن يدخل فيه شقيقه «على» الذى كان يعمل معه من الباطن!!

ولم يكن مصطفى وعلى أمين هما التلميذان الوحيدان اللذان التحقا بمدرسة روزاليوسف، بل كان هناك العشرات من التلامذة ولكل منهم حكاية مع السيدة فاطمة اليوسف. وللحكاية بقية!