
محمد عبد النور
فتاة الفستان.. وإرادة المواجهة
لا نجاة من هذا السقوط الفكرى والمجتمعى والإنسانى والذى أكدته ما تعرض له فتاة الفستان فى جامعة طنطا من تنمر وتحرش وإساءة لفظية وعملية دون ان ترتكب ذنبا او فعلا او سلوكا سوى انها ككل البنات ارتدت فستانا.. فستان محتشم.. ذهبت تؤدى به امتحانها الجامعى.. وهذا حقها بلا منازع لا يملك اى مخلوق فى الدنيا مساءلتها فيه أو التعليق عليه.. إلا بالتحرك الجاد جدا لمواجهة هذا الفكر المنحرف فى عقول خربة تتجول بحرية فى أروقة الجامعات وقاعاتها ولجان امتحاناتها.
وهنا لا أقع فى خطأ التعميم وأن الواقعة تخص جامعة طنطا، وبالتالى لا تنسحب على بقية الجامعات الحكومية الاخرى.. إنها تحدث بصور اخرى واشكال اخرى لا تصل الى الإعلام ولا تعرف بها وسائط التواصل الاجتماعى؛ فأصحاب هذا الفكر الخرب موجودون بيننا فى كل مكان ويمارسون أفعالهم المنحرفة بشكل وبآخر وبصورة وأخرى أوصياء على ضمائر وسلوكيات البشر، متحصنين بلوائح إدارية وقوانين عمل حكومية تنقذهم من العقاب المكافئ للفعل، والفعل هنا ليس مخالفة إدارية فقط وانما مخالفة اخلاقية انسانية؛ متيقنين من شيوع إرادة عدم المواجهة الحاسمة الأفكار والقناعات المتطرفة.
فتحويل رئيس جامعة طنطا شكوى فتاة الفستان للتحقيق وللنيابة العامة وإن كان هو الإجراء الإدارى ليس كافيا والتذرع بانتظار نتيجة التحقيقات لا يمنع من التحرك على مستويات كليات الجامعة العملية والنظرية فى ندوات ومحاضرات ولقاءات تناقش وتشرح وتؤكد على سلوكيات الاعتدال واحترام الاخر والاعتزاز بالحرية الشخصية طالما لم تؤذ الاخرين؛ واحترام المشاعر المختلفة طالما هى فى حدود مفاهيم الاخلاق، وهى فى الأصل قيم جامعية نشرها وتأصيلها من مهام الجامعات فى خدمة مجتمعاتها المحيطة.
وبصراحة لا اتفهم صمت المجلس الاعلى للجامعات عن التعليق على ما تعرضت له فتاة الفستان داخل الحرم الجامعى؛ ولا افهم عدم تدخل وزير التعليم العالى بالتوجيه لمواجهة هذا الفكر المتطرف بنشاط فكرى جامعى، فالتحقيقات سواء بمعرفة الجامعة أو فى النيابة العامة تخص الشق القانونى للفعل المجرم ولا تعد مجابهة الفكر المتطرف بالندوات والمناقشات والمحاضرات وورش العمل تدخلا فى مسار التحقيق او التأثير عليه؛ فهو واجب تنويرى طول الوقت وكل الوقت ضمن إرادة المواجهة.
جمهورية 30 يونيو .. الجمهورية الجديدة أثبتت بالفعل قبل القول إنها جمهورية المواجهة لكل ما لا يصح أن يعيشه المصريون، جمهورية جديدة تنتصر لمفاهيم الأخلاق والسلوك المجتمعى صاحب الاعتدال والاحترام والحفاظ على الحقوق والالتزام بالواجبات.. وإرادة المواجهة.