الجمعة 26 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اللَهم مصر بلغت اللَهم فاشهد

اللَهم مصر بلغت اللَهم فاشهد

قلت إنه لا يجب أن ننفعل بحساسية زائدة كما لا يجب أن نتفاءل بشكل مفرط مع ما يدور فى أروقة مجلس الأمن ونحن ننتظر مخرجات جلسته التى انعقدت الخميس الماضى ولا تزال لم تصدر قراراتها حتى كتابة هذه السطور صباح السبت؛ صحيح أن بعض الإحباط قد أصابنا عند متابعة كلمات من بعض أعضاء المجلس وصحيح أيضًا أن الكثير من علامات الاستفهام قد أثيرت على مواقف بعض الدول الصديقة ووثيقة التعاون معنا؛ وننتظر إجابات عنها بلا شك.



إلا أننا لا يجب أن نتجاهل أن كل الاحتمالات كانت ضمن الحسابات المصرية والرهانات على مواقف الدول الأعضاء فى المجلس خاصة الخمسة الكبار لم تكن عظيمة لأن كل منهم قد أدلى بتصريحات قبل الجلسة بينت موقفه خلال الجلسة بما سهل من أمر التنبؤ بما سيقوله والحد الذى سيصل إليه من مقاربة مع مشروع القرار المطروح على المجلس أو مباعدة.

ومن ثم نستطيع أن نفسر وضوح وقوة كلمة الوزير سامح شكرى وهو يلقى بالبيان المصرى بكل المفردات التى لا تحمل أى لبس أو تفسيرات أخرى غير ما قصده الوزير سامح فى أن مصر وإن كانت تعترف بالحق فى التنمية إلا أنها لا تفرط فى حقها فى الحياة وأنها جاهزة إلى الذهاب إلى أبعد الحدود وبكل الوسائل فى حفاظها على هذا الحق؛ وإنها -مصر-  وأن كانت قد تعاملت مع النوايا الإثيوبية المسيسة بكل النوايا الحسنة فإنها تطلب من مجلس الأمن القيام بمسئولياته فى حفظ السلم والأمن العالمى؛ وهذه لغة الأقوياء أصحاب كل الخيارات المفتوحة.

مخطئ من ظن أن حسابات مصالح ونفوذ الدول الكبرى فى القرن الإفريقى وإفريقيا بشكل عام لن تؤثر على مواقفه من أزمة سد النهضة وقد بات مؤكدًا وأمام الجميع أنها أزمة سياسية لا تتعلق بشكل أو بآخر بأسباب تنموية؛ وقد تابعنا جميعًا وعلى الهواء مباشرة طبيعة المصالح ومساحات الحسابات؛ والذى ستنعكس فى النهاية على صياغة القرار الذى سيصدر عن المجلس وإن كان ملزمًا أو غير ملزم لأطراف الأزمة.

فالفارق كبير بين صياغة قرار تبدأ بعبارات «أن مجلس الأمن يأمر» أو«يطلب» وهى صياغات إلزامية للأطراف وبين «مجلس الأمن يحث» و«يدعو» وهى صياغة التوصيات غير إلزامية تؤسس على الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة؛ ومرة أخرى سيحسمها مصالح الدول الكبرى وحسابات نفوذها اقترابا أو ابتعادا عن ملف الأزمة.

ولكن مع كل حسابات الآخرين ومع كل ما هو متوقع من قرارات لمجلس الأمن ومع كل النوايا الطيبة والسيئة على حد سواء؛ مصر لها حساباتها الخاصة وترتيباتها المتعددة وخياراتها المفتوحة؛ وقد أبلغت العالم أجمع وأمام أقوى مؤسساتها وأكثرها فعالية فى النظام الدولى أن قضية النيل قضية حياة لمصر وللمصريين؛ اللَهم مصر بلغت اللَهم فاشهد.