
محمد عبد النور
مجلس الأمن ليس المحطة الأخيرة
يخطئ من يظن أن جلسة مجلس الأمن التى انعقدت لبحث أزمة سد النهضة بطلب مصرى سودانى ستكون قراراتها أو توصياتها نهاية المطاف أو أنها الصفحة الأخيرة التى تغلق الملف على أوراقه؛ إنما هى فى الحقيقة محطة من محطات التحرك الدبلوماسى المصرى لضمان الحق المصرى فى الحياة فيما يمكن وصفه بالدبلوماسية الخشنة فى اللجوء إلى المنظمات المسئولة عن الأمن والسلم العالمى لإشراكها كطرف فعال بشكل أو بآخر فى معطيات الأزمة كأزمة من الخطورة تركها تتفاعل على مسار طريق واحد انتهى كطريق مسدود بسبب الإصرار الإثيوبى على اكتساب وضع سياسى استراتيجى على حساب مصر والسودان لا يتعلق بنية تنموية ولا يمت بصلة لأى عمل من أعمال التعاون المشترك.
فقد انتهى وقت الدبلوماسية الناعمة التى بدأت بإعلان اتفاق المبادئ بتأكيد مصرى على حق إثيوبيا فى التنمية واستغرقت ما تجاوز العشر سنوات من المفاوضات فى التأكيد المصرى على عدم المساس بحقوق مصر المائية ولا الحق المصرى فى الحياة؛ كانت الكلمات المصرية فيها انعكاسا شديد الوضوح للنوايا الحسنة والإرادة الشريفة فى التعاون المشترك والخير للجميع.
وإن كانت المفاوضات إقليميا وتحت مظلة الاتحاد الإفريقى اصطدمت بالتعنت الإثيوبى ووصلت إلى طريق مسدود؛ وإذا كانت كلمات أعضاء مجلس الأمن فى جلسته التى انعقدت قد دارت حول ضرورة استئناف المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الإفريقى بمعنى العودة للمفاوضات؛ فإنها هنا -المفاوضات قد انتقلت إلى مربع الاهتمام الدولى والمراقبة الأممية وهو مربع أعلى من المربع الإفريقى من حيث المتابعة والتتبع ؛ وهو المربع -الدولى- التى رفضت وترفض إثيوبيا الوصول إليه متمسكة بالمظلة الإفريقية فقط لا غير كأمر لا يخص مجلس الأمن ولا ينبغى له -مجلس الأمن- التعرض له.
وأيًا كان القرار الذى سيصدر عن مجلس الأمن (مشروع القرار: مطالبة إثيوبيا بالتوقف عن الملء الثانى واستئناف المفاوضات فى إطار زمنى محدد بستة أشهر) سواء فى صيغة إلزامية أو على شكل توصيات فإن آلية التتبع ستكون من اختصاص الأمين العام للأمم المتحدة الذى عليه أن يقدم تقريرا لمجلس الأمن عن التزام الأطراف بتنفيذ القرارات أو احترام التوصيات.
من ثم فإن محطة مجلس الأمن ليست المحطة الأخيرة ولن تكون؛ فهناك محطات دولية متعددة أخرى ضمن التحرك الدبلوماسى الخشن ومنها محطة الاتحاد الاوروبى والذى أوفد الرئيس السيسى له وزير الخارجية سامح شكرى فى زيارة خاصة قبل يومين؛ وفى الوقت الذى تظل فيه كل الخيارات المصرية مفتوحة.